منوعات

الثلاثاء - 11 مايو 2021 - الساعة 02:46 م بتوقيت اليمن ،،،

عين العرب| وكالات

ذكرت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية أنها تمكنت من رؤية رفات الزعيم النازي أدولف هتلر الذي نقله السوفيات من برلين بعد انتحاره وما زال محفوظا لديهم في مبنى قديم لأرشيف الدولة الروسية بموسكو.

وقال آلان بارليي مراسل الصحيفة بموسكو إن المرء يشعر بالدوار وهو يرى رأي العين يدين بقفازين بلاستيكيين تعرضان أمامه جمجمة أدولف هتلر، “آخر قطعة بشرية موجودة من ذلك الدكتاتور الذي أشعل النار في أوروبا بأكملها وسفك الدماء وأمر بـ(الحل النهائي)”، على حد تعبيره.

وأبرز الكاتب في تقرير مطول عن هذا الموضوع، مسألتين وصفهما بالمذهلتين، الأولى شكلية وهي أن قطع جمجمة هتلر المكونة من العظم الجداري الأيسر مع جزء صغير من الجداري الأيمن والقذالي محفوظة في صندوق أقراص بلاستيكي بسيط وشفاف، يمكن التقاط صور لما بداخله، لكن دون السماح برفع الغطاء.

أما الملاحظة الثانية التي لفتت انتباه بارليي وقال إن الأبدان تقشعر لها فهي وجود ثقب يبلغ قطره 8 مليمترات، ما زال واضحا على سطح شظية الجمجمة، وهو -وفقا للكاتب- ثقب الرصاصة التي أطلقها هتلر من أحد مسدساته الشخصية على رأسه.

ووصف الكاتب اللحظات الأخيرة التي سبقت انتحار هتلر وما تلاها من انهيار للرايخ (الإمبراطورية الألمانية) التي كانت “ستستمر ألف عام”، حسب ما خطط له هتلر.

وذكر الكاتب أن المقربين من الزعيم النازي أصيبوا تحت وطأة القنابل بما يشبه الجنون الجماعي، خصوصا بعد أن أصبحت القوات السوفياتية تحت قيادة الجنرال فاسيلي تشويكوف على بعد بضعة كيلومترات فقط من برلين.

الانتحار

وفي هذا الجو المفعم بالغضب واليأس أملى الزعيم النازي وصيته على إحدى كاتباته قائلا “أنا وزوجتي آثرنا الموت على عار الهزيمة والاستسلام، ونوصي بحرقنا على الفور في هذا المكان الذي أنجزت فيه معظم عملي اليومي خلال 12 عامًا التي أمضيتها في خدمة شعبي”.

وعن سبب انتحاره، قال بارليي إن هتلر كان قد سمع يوم انتحاره، في 30 أبريل/نيسان 1945، أن حليفه الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني قد قبض عليه في شمال إيطاليا مع رفيقته كلارا بيتاتشي، وأطلق عليهما النار قبل أن يُعلّقا رأسًا على عقب أمام الجماهير في ميلانو.

ورأى الكاتب أن مصير موسوليني مثّل هوسًا لهتلر، ناقلا في هذا الصدد عن سيرجي ميرونينكو، المدير العلمي لأرشيف الدولة الروسية قوله إن “هتلر كان مهووسًا بالفكرة المجنونة بأن الزعيم السوفياتي آنذاك جوزيف ستالين يريد الإمساك به حيًّا ووضعه في قفص وجعل الناس في جميع أنحاء روسيا يرونه في هذه الصورة”.

ومما يعزز ذلك، حسب ميرونينكو، أن الروس وجدوا في القبو الذي كان هتلر يختبئ فيه قبل انتحاره “مختبرًا محمولًا لاكتشاف الغازات، إذ اعتقد هتلر أن السوفيات سيقبضون عليه بتنويمه…”.

ويضيف الكاتب أن جثتي هتلر وإيفا براون، السيدة التي تزوجها قبل يوم واحد من انتحارهما معا، حرقتا بمجرد اكتشافهما بعد ظهر يوم 30 أبريل/نيسان 1945، بسكب بعض الكيروسين عليهما، قبل تغطيتها بالأرض في حفرة خلفتها إحدى القذائف السوفياتية في حدائق المستشارية.

فرضيات

وذكر الكاتب أن كثيرا من “الفرضيات” لنهاية هتلر تم تداولها منذ اختفائه، كذلك ظلت هناك مسائل غامضة لم تتضح كليًّا بشأن تلك الأحداث، ويتعلق الأمر بالطريقة التي مات بها هتلر، وهل مات بالفعل يوم 30 أبريل/نيسان في برلين؟ وهل بقاياه المحفوظة أصلية أم مزيفة صنعها السوفيات لاحقًا لضمان الاستئثار بهذه الغنيمة التي لا تقدر بثمن؟ إذ إن بقايا زعيم العدو لها قيمة معنوية كبيرة في الخيال الجمعي الروسي لإثبات أنفسهم بوصفهم المنتصرين الحقيقيين على النازيين.

ويرجح بارليي قصة انتحار هتلر التي تقول إنه ابتلع كبسولة سيانيد قبل أن يطلق النار على رأسه وهو جالس وبجانبه زوجته إيفا براون التي انتحرت أيضا بابتلاع السيانيد في اللحظة نفسها.

لكنه يقول إنه لا يمكن استبعاد أن يكون هتلر، الذي كان يعاني مرض باركنسون وكانت يداه ترتعشان، طلب من أحد مساعديه إطلاق النار عليه، غير أن ميرونينكو يستبعد هذه الفرضية الأخيرة إذ لو أن شخصا آخر أطلق النار عليه “لكان قد صوّب في مكان آخر، كالقلب على سبيل المثال”.

وينقل الكاتب في هذا الصدد عن فيليب شارلييه اختصاصي الطب الشرعي والأنثروبولوجي الفرنسي قوله إنه لا يمكن أن يؤكد فرضية انتحار هتلر لكنه في المقابل مقتنع بأن الرفات الموجود في مبنى الأرشيف الروسي للزعيم النازي.

وذكر بارليي أن عالم الطب الشرعي والأنثروبولوجيا الفرنسي الشهير هذا هو الذي وقع عليه اختيار الكرملين ليقدم بين عامي 2016 و2017 الخبرة القانونية الوحيدة التي أجريت لتأكيد الرواية الروسية وذلك منذ الاختبار الذي أجراه علماء الطب الشرعي السوفيات عام 1946.

وذكر بارليي أن عالم الطب الشرعي والأنثروبولوجيا الفرنسي الشهير هذا هو الذي وقع عليه اختيار الكرملين ليقدم بين عامي 2016 و2017 الخبرة القانونية الوحيدة التي أجريت لتأكيد الرواية الروسية وذلك منذ الاختبار الذي أجراه علماء الطب الشرعي السوفيات عام 1946.

وقال الكاتب إن اختيار الروس لشارلييه لم يكن فقط بسبب ما هو معروف عنه من خبرة ونزاهة علمية وإنما أيضا لأنه ليس روسيًا ولا أميركيًا، وهو الذي أجرى بفاعلية كبيرة الخبرة القانونية لرجال معروفين مثل: ريتشارد قلب الأسد، وديان دي بواتييه، وهنري الرابع، وديكارت، ومارات، ونابليون الأول.

ويؤكد شارلييه أنه “لا توجد حجة مورفولوجية وتاريخية تعارض حقيقة أن هذه الجمجمة لهتلر”.

وقد فحص شارلييه قطعا أخرى من جثمان هتلر بما في ذلك الأسنان الصناعية التي كانت لديه، قائلا “أظهرت دراستنا أن هذه كانت بالفعل بقايا أصلية لم يعبث بها، كذلك أتاحت لنا تأكيد أن النظام الغذائي لأدولف هتلر كان نباتيًا صرفا”.

ولفت الكاتب إلى أن بقايا هتلر -وبخاصة جمجمته- ظلت منذ البداية في قلب المنافسات الجيوسياسية بين الحلفاء، خصوصا أن هذه الجمجمة لم يعثر عليها السوفيات إلا بعد عام من اختفاء هتلر.

لكنه ذكر أن ثمة من ما زالوا حتى الآن يعتقدون أن هتلر لم ينتحر أصلا بل هرب إلى أميركا الجنوبية.

ومن الأشياء التي قال الكاتب إنها لا تزال تمثل “لغزا حقيقا” أن الاتحاد السوفياتي بل حتى روسيا بعده لم يعلنا رسميا مقتل هتلر، ويعتقد ميرونينكو أن ستالين، على الأقل، تعمّد ذلك لأنه رأى أن من مصلحته ألا يفعل ذلك ليترك مجالا لترويج فكرة مفادها أن الغرب رحب بالزعيم النازي وآواه.