كتابات وآراء


الخميس - 02 أبريل 2020 - الساعة 11:02 ص

كُتب بواسطة : أ. د. عبدالله سالم بن غوث - ارشيف الكاتب


أ. د. عبدالله سالم بن غوث
أستاذ طب المجتمع
كلية الطب/ جامعة حضرموت
رئيس قسم الدراسات والبحوث
بدار المعارف للبحوث والإحصاء - المكلا
Email: abinghouth2007@yahoo.com



لا زالت اليمن حتى كتابة هذا المقال ضمن بضع دول في العالم لم يثبت فيها وجود أي حالة كورونا في أي محافظة تحت أي سلطة من سلطات الأمر الواقع بشهادة منظمة الصحة العالمية و الوزارتين و مكاتب الصحة. بينما تزداد الحالات الجديدة المؤكدة يومياَ في دول الجوار و التي يدخل منها المسافرون و الوافدون و الشاحنات رغم إغلاق المنافذ البرية و الجوية و لا ندري عن المنافذ البحرية الرسمية و غير الرسمية كم عددها و ما تدفق اللاجئين و سيرهم على الأقدام بمحاذاة السواحل إلا ظاهرة تعودنا عليها نهاراً جهاراً. كما أن الحرب و تشتت النظام الصحي أصاب الشعب في صحته فحصدت الأوبئة مثل الكوليرا و الضنك و الدفتريا الكثير من الأرواح و ما سوء التغذية إلا عنوان ملازم لصحة الإنسان اليمني في التقارير الدولية. و عليه فإن حديث المؤسسات الصحية الرسمية و منظمة الصحة العالمية عن عدم وجود حالات كورونا في اليمن هو مجرد انعكاس لعمل الجهات الرسمية و التي لا ندري عن مدى قوة عملها من ضعفه إلا أن مشهد الحرب و الإمكانيات المتواضعة و تشتت الجهود يضع علامة استفهام أمام الجهود الرسمية. فمثلا لا يتم التحري إلا على الحالات المشتبهة التي تتفق مع التعريف القياسي لحالة الكورونا (المشتبهة ) و التي يقدرها منسق الترصد في المديرية أو المحافظة بغض النظر عن تقدير الطبيب و بغض النظر عن قلق المجتمع مما يجعل ذلك مجالاً واسعاً للإشاعات المجتمعية غير المسيطر عليها.
إن واقع " الصفر حالة " التي تعلنها دائماً منظمة الصحة العالمية بناءً على التقارير الصحية الرسمية تتطلب توسيع دائرة التحري بما في ذلك التحري عن الشائعات المجتمعية. فإذا لم تكن هناك حالات ايجابية فكم هو عدد الحالات السلبية و كم فحصاً تم إجراؤه حتى نثبت الصفر حالة؟. قد تكون قلة الإمكانيات المخبرية هي السبب في تقييد عملية التحري للحالات عالية الاشتباه ، مما سينقلنا إلى مشهد أكثر سوءًا إذا توفرت بدائل للفحوصات.
و أخيرا نورد ملاحظتين وبائيتين؛ الأولى عند عدم وجود حالات كورونا ايجابية ينبغي
أن تكون هناك حالات مشتبهة سببها مرض آخر، و في حالة عدم تسجيل حالات مشتبهة فإن ذلك يعني فشلاً في نظام الترصد. و الملاحظة الوبائية الثانية أن لكل حالة مؤكدة عدداً من الحالات المخفية في المجتمع.
و بناء على الملاحظتين الوبائيتين أعلاه وعلى مشهد ضعف النظام الصحي فإن الأمر يتطلب توسيع دائرة التحري الوبائي من خلال مسح صحي مركَّز على حالات الأمراض التنفسية المترددة على المستشفيات لتشخيص الحالات المشتبهة و تحديد الحالات السلبية و لكي يتحول ذلك إلي برنامج عملي سريع يحتاج ذلك إلى التفكير برؤية وبائية و ليس برؤية لوجستية.