كتابات وآراء


الأحد - 05 يوليه 2020 - الساعة 12:25 ص

كُتب بواسطة : سعيد سالم الجريري - ارشيف الكاتب


هناك مثل عراقي يقول«شيّم العُرُبي واخُذ عَباته». تذكرته في حومة الحديث عن التنازع حول من يكون رئيس الحكومة القادم، بحسب اتفاق الرياض بالمناصفة بين الجنوب والشمال، حضرمياً، مهرياً، شبوانياً ....

يبدو لي أن المنطقة ليست مهمة، فهو لن يكون رئيس حكومة حضرموت أو المهرة أو شبوة، بل رئيس حكومة أزمات تعنى بحل مشكلات المرحلة الراهنة، والحشد باتجاه تحرير صنعاء من نفسها (!!)

لكن الخبث السياسي والانتهازية يشتغلان بالاقتران والتزامن، فتجد خبيثاً في شرعية بلا وطن يغرد بأن حضرموت أولى برئاسة الحكومة، فهي وهي، معدداً مزاياها الفريدة، و عبقرية قياداتها، ليخلص إلى أنها هي الأجدر ، بينما (يتحيمص) نفر ممن يرون في أنفسهم أحقية بالولاية، فيحسبون كل تغريدة عليهم، لأنهم اختزلوا حضرموت في ذواتهم النرجسية، فترى كلاً منهم كالذي فيه (شرجة) كرسي، كأنه إن وليَ الوزارة سيحل مشكلة الكهرباء في المكلا (دع حلها في حضرموت والبلاد كلها) فلا تنطفئ، بعد تنصيبه، ساعة، وكأنه سيوقف العبث بنفط حضرموت، وكأنه سيحرر وادي حضرموت من قوات بوعوجا، وينهي مسلسل الاغتيالات والتصفيات الجسدية التي تجاوزت كل خيال.

وما يقال عن حضرموت يقال مثله عن شبوة والمهرة، بزيادة هنا أونقصان هناك، لكن المحصلة النهائية أن هناك لعباً اتحادياً من مخرجات الحوار الوطني الذي (قرضمه) الحوثي بأسنان غير مفرشة يتخللها قات كالطحلب، من دون أن ينبس خبثاء الشرعية ببنت مشفر (وليس شفة).

الخلاصة أنهم يفتعلون تنازعاً بين أراجوزات المناصب من مواطني حضرموت وشبوة والمهرة، وعينهم على من يحسن الكيد للجنوب ومشروع استقلاله السياسي، كائناً من كان ذلك الاسم، وبذلك يقول لسان حالهم "فخار يكسر بعضه"، وكلما أمعنوا في مديح عبقرية قيادات شرقستان، صدّقت تلك القيادات نفسها، فدارت حول نفسها، ولم يقف فرد منها ليقول: كفى عبثاً وضحكاً علينا أيها المتخابثون المتذاكون. تباً للولاية إن لم تكن من أجل حرية وطن ينشد شعبه منذ 94 الاستقلال لا التنازع على مناصب شرعنت ومازالت تشرعن نهب الثروة والقرار .

شخصياً، أفضّل أن يلي (حكومة الحشد لمواجهة الحوثي) أحد أكفياء صنعاء أو تعز مثلاً ، فالحكومة تتشكل بالدرجة الأولى من أجل تحرير صنعاء، وليست من أجل تطوير حضرموت أو شبوة أو المهرة، (على أن يختار لمحافظات الجنوب كافة محافظون لا يبيعون القضية من أجل كرسي)، ثم أن في كون رئيس الحكومة من خارج المحافظات الثلاث التي يدغدغون عواطفها الآن (كذلك البدوي الذي يشيّمونه ويأخذون عباءته كما في المثل العراقي)، ما ينأى بها عن كيد بعضها بعضاً أو كيد الجنوب بالوكالة عن صنعاء السياسية النائمة في أحضان الحوثي تحلم باستعادة الجنوب وثرواته، فشرعيو الشمال هم الوجه الآخر للحوثي، عندما يتعلق الأمر بمحافظات شرقستان أو الجنوب كله.

* أي جنوبي يتبنى وهم (اليمن الاتحادي) فهو مع مشروع سياسي أقر في صنعاء من قبل رموزها السياسية الهاربة الآن التي تستخدم أي جنوبي (كوره في الشربة) لضرب مشروع أغلبية الجنوبيين - ولن تستطيع - لهذا فلا معنى للانتماء الجغرافي هنا في صراع المشروعين، ومن تعلق قلبه بصنعاء سياسياً، فليذهب إلى تحريرها من الحوثي، مع الحشود المأمولة في المشمش، لكن الطريق إليها لا تمر ، على أي حال، عبر افتعال الأزمات والنزاعات في عدن أو لحج أو أبين أو الضالع أو شبوة أو حضرموت أو المهرة أو سقطرى.

من صفحة الكاتب علي الفيسبوك