كتابات وآراء


السبت - 02 يناير 2021 - الساعة 09:00 م

كُتب بواسطة : وديع منصور - ارشيف الكاتب




في اي مكان اخر بالعالم حينما تصدر توجيهات عليا بتشكيل لجنة للتحقيق في أي عمل إرهابي ، فأن المسؤولين في الدولة يمتنعون عن إعلان أي تاكيد رسمي ونهائي يتعلق بما حدث ،حتى تعلن لجنة التحقيق المكلفة نتيجتها النهائية .

ماحدث بعد الهجمات الصاروخية على مطار عدن صبيحة الثلاثين من ديسمبر الماضي ، كان مختلفا .. فقد سارع وزير الإعلام بتحميل الحوثيين المسؤولية بعد مرور ساعة واحدة فقط ، دون ان يقدم اي دليل ، وبعده بساعات قلية أخرى اعلن وزير الخارجية في حكومة الناجين نفس الشئ ! ثم بعد ذلك ظهرت توجيهات من الرئيس بتشكيل لجنة للتحقيق في العملية ! وقبل ان تتضح اي تفاصيل عن اللجنة استمر اولئك الوزراء وغيرهم بتحميل الحوثيين مسؤولية الهجوم على المطار .

صحيح ان مليشيا الحوثي هي المؤهلة اكثر للقيام بهذا الهجوم الإرهابي ، ولها سوابق كثيرة داخل وخارج اليمن ، وقد يكون إنكارها هو مجرد تكتيك لتحقيق هدف اخر .. لكن المجتمع الدولي الذي اصبح يتعامل مع سلطة الحوثيين كسلطة امر واقع ، قد يأخذ إنكارهم على محمل الجد حتى تعلن النتيجة النهائية للجنة التحقيق . السؤال هنا ، ما الذي جعل بعض وزراء الحكومة الجديدة يسارعون بتحميل الحوثيين وحدهم المسؤولية ؟ ولماذا هم متاكدون بان ليس هناك طرف او اطراف اخرى قد تكون مشاركة او متواطئة مع الحوثيين ! مع أن غير المقتنعين باتفاق الرياض أكثر من المقتنعين . ثم ما مدى حيادية اللجنة التي دعى الرئيس هادي بأن تحقق في الامر ! كيف سنتأكد من أنها لن تمتنع عن كشف كل تفاصيل التحقيق في هذا العمل الارهابي ! هل تذكرون عملية إغتيال محافظ عدن جعفر محمد سعد ؟ ماتزال أشبه بأحجية حنى الان ، بعد مرور كل هذه السنوات !

هل هناك سلبيات محتملة في التحقيقات الدولية ؟ الجواب هو نعم ، فغالبا ما تأخذ لجان التحقيقات الدولية وقتا أطول ، وتشوبها تعقيدات بيروقراطية أكثر .. ومع ذلك من المهم أن يكون التحقيق في الهجوم على مطار عدن تحقيق دولي للاسباب التالية :

اولا : قد يتوصل التحقيق الدولي بأن من يقف خلف العمل الارهابي على مطار عدن أكثر من جهة وأحدة . حينها قد يدفع ذلك بعض الدول الغربية لاتخاذ إجراءات عقابية ضد المتورطين بالعملية .

ثانيا : تجنيب التحقيق الدولي اي تدخلات محتملة من اطراف الصراع اليمنية وحساباتهم الكثيرة والمعقدة .
ثالثا : حتى لو عرف العالم نتيجة لجنة التحقيق التابعة للشرعية ، فأن ضعف ثقة المجتمع الدولي بسلطة الشرعية قد تجعل من نتيجة لجنة التحقيق غير ذات قيمة .

رابعا : ان يعرف العالم ان الخطر على مدينة عدن ، ذات الموقع الاستراتيجي ، مازال قائما بقوة .. وأنه يجب إيجاد حل حقيقي ومستدام لمدينة عدن ، وليس الاكتفاء بان تكون مقرا لحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب .

خامسا : إن تكون لجنة التحقيق دولية ، يعني إكساب ماحدث في مطار عدن أهمية أكبر ، ووضع الامم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي أمام حقيقة تزايد المخاطر على المدنيين والمنشأت المدنية ، لمدينة أنهكت سكانها الصراعات المستمرة .

الخلاصة ، ان الخطر على عدن تحديدا مازال قائما وبقوة من اكثر من طرف ، والكل يعرف هذه الحقيقة .. وعلى الرغم من أن سرعة إعادة ترميم المطار خطوة جيدة ، الا ان الإكتفاء بهذه الخطوة لن تجنب لوحدها هجوما إرهابيا أخر على المطار او أي مكان أخر في عدن .