كتابات وآراء


الجمعة - 19 فبراير 2021 - الساعة 11:25 ص

كُتب بواسطة : شهاب باحميش - ارشيف الكاتب


نأسف لما حدث من يومين بوفاة خمسة موظفين من موظفي مؤسسة المياه لتعرضهم للغازات السامة أثناء تأديتهم عملهم بمحطة الصرف الصحي في المكلا بحي السلام..

لم تكن تلك الحادثة هي الأولى من نوعها.. بل سبقتها عدة حوادث مماثلة علمت بها حينها في المكلا والقطن وكذلك في عدن.. حاصدة أرواح بريئة تذهب للعمل بجهد من أجل لقمة عيش بسيطة يسترون بها عوائلهم..

فحادثة المكلا.. كان ثلاث من الموظفين في الأسفل يقومون بالعمل بينما ثلاث آخرون فوق يراقبون عملهم وإضائة المكان لهم لإنقطاع الكهرباء..

مع إنبثاق الغازات السامة في الأسفل أغمى على الثلاثة الذين بالأسفل وتساقطوا على الفور.. ومن كثرة الغازات وقوة انبثاقها أغمى على الثلاثة في الأعلى كذلك.. ليأتي شخص سابع من الخارج ليحاول إنقاذهم فيغمى عليه هو أيضا..

توفي الثلاثة اللذين كانوا في الأسفل مع المنقذ على الفور.. في حين توفي الخامس في المستشفى وهو أحد الذين كانوا بالأعلى..

كان هذا موجز ما حدث في ذلك اليوم المحزن..

والأسباب تعود لما يلي:

1- الغازات السامة.. عدم عمل وجاهزية مراوح الشفط التي تشفط الغازات السامة للخارج لعدة سنوات تتجاوز العشر أعوام.. والتي ركبت بواسطة شركة دندار منذ حوالي ثلاثون عام.. وقد زكى خبراء وفنيون منذ عدة أعوام بصيانتها وإعادة تأهيلها.. ويبدو بأن مبالغ الصيانة لم يستوعبها من كان قائما بإدارة مؤسسة المياة حينها فقام بطلائها بدلا من صيانتها.. مما أدى لتراكم الغازات بكمية هائلة على مدى تلك الأعوام..

2- حماية العمال.. عدم توفر أبسط ما يقال عنه وهي معدات السلامة للموظفين وتأهيلهم وتوعيتهم وتدريبهم.. وقد قدمت شخصيا دراسة بمتطلبات السلامة لمؤسسة المياه بالمكلا والدورات الذي يحتاجها موظفيها لما شاهدته من حوادث مماثلة وعدم توفر معدات السلامة لدى موظفيهم.. وقد قوبلت بإهمال وغض النظر عنها.. وأأسف بأن يكون أحد وفيات حادثة الصرف الصحي بالمكلا هو أخ لمن كان قائما بإدارة المؤسسة في ذلك الحين..

3- إدراك المسئولين والمعنيين بأهمية السلامة والصحة المهنية للمنشئات كافة.. فهي ليست مجرد وظيفة شاغرة يتم ملئها لأي من يكون.. فيترتب عليها مسئولية كبيرة في إعادة الموظفين إلى منازلهم دون إصابة عمل والحفاظ على معدات المنشأة والبيئة من دون أي ضرر.. فيجب أن يكون شخصا مؤهلا لإدارة هذا المنصب الهام.. ويراقب كافة أعمال المنشأة ولا يرخصها إلا بتصاريح موثقة بها إلتزام الجميع بتوفير كل ما يلزم لإتمام العمل بطرق سلمية والإلتزام بإستخدامها.. ويقوم بتدريب العمال وتوعيتهم بالمخاطر التي يواجهونها أثناء العمل..

للإفادة والإستفادة..

الأماكن المحصورة في الصرف الصحي غير مخصصة للعمل بها فترة طويلة من الزمن.. حيث يوجد بها غازات سامة وقابلة للإشتعال.. وتقل نسبة الأكسجين فيها.. وتكون محدودة المخارج والمداخل.. ولا تتوفر فيها الإضاءة الكافية..

الغازات المتواجدة.. الميثان CH4 وهو قابل للإشتعال والإنفجار وكثافته أخف من الهواء.. كبريتيد الهيدروجين H2S وهو سام جدا وكثافته أثقل من الهواء.. أول أكسيد الكربون CO يتحد مع هيموجلوبين الدم ويكون مادة غير قادرة على نقل الأكسجين للمخ وكثافتة أخف قليلا من الهواء.. النشادر NH3 سام جدا وقد يسبب العقم.. ومصادرها جميعا هو تخمر المواد العضوية بواسطة البكتريا..

لذلك يجب إزالة كل ما ذكر في الأعلى قبل البدء بالعمل.. وتوفير أدوات السلامة المخصصة للقيام بالعمل.. وتوفير معدات الإنقاذ المخصصة للعمل المعني واستخدامها في حالة تواجد أي خلل كان.. وتثقيف العامل بالمخاطر المتواجدة وتدريبه على العمل وإستخدام الأدوات..

أرجو من الله العلي القدير أن لا تكرر مثل تلك الحوادث التي كان بالإمكان تفاديها إن وجدت إدارة مهتمة بسلامة وصحة الموظف قبل الإهتمام بأمور أخرى..