كتابات وآراء


الجمعة - 03 ديسمبر 2021 - الساعة 10:26 ص

كُتب بواسطة : أمجد الرامي - ارشيف الكاتب


ربما يستطيع كثير من المراقبين تفسير أسباب استيلاء الحركة الحوثية ممثلة بجماعة أنصار الله على الحكم عقب ما يسمى بثورة الشباب ، لكن تفسير ما يراه الناس نجاحا في إدارة البلد أمر آخر فلم نجح الحوثيون في إدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم بينما فشلت الشريعة ومعها التحالف في تقديم انموذج يغري في المناطق التى تدعى إعلامياً بالمحررة .
فماهي الأسباب التي يمكن أن تبرر هذا النجاح على الأقل مقارنة بحال المناطق المحررة ، لا شك أن ثمة عناصراً كثيرة يمكن أن نعزو لها هذا النجاح ويمكن أن نجمل بعضها في التالي :-

١-الإمتداد التاريخي :-
الحركة رغم ما اعتراها من ثأثيرات خارجية إلا أنها لا تزال تمثل المظلومية الزيدية أو على الأقل تدعي ذلك ، وهو ما أكسبها رضا اتباع المذهب الزيدي وتفهم طيف كبير خارج المذهب لهذه المظلومية ، ويصدق هذا الأمر في بدايات السيطرة رغم أن الوضع قطعاً شابه شيئا من التغيير الآن ، فالناس مولعة بتأييد الضعيف إلى أن ينتصر لحقه .

٢-جماعة ثورية :-
قاومت حركة أنصار الله السلطات السابقة كحركة ثورية مسلحة ، وأي حركة ثورية بعد سيطرتها لا بد وأن تظهر تمييزا واختلافاً عن نظام الحكم قبلها ، كي يكون تحركها بقوة السلاح وسيطرتها على الحكم مبرراً ، ولا شك أن انصار الله سعوا الى إبراز هذا التميز بقدر الإمكان حتى في مناحي واذرع الدولة البعيدة . وإذا نظرنا الى انموذج الثورة الاسلامية في ايران سنجد أنها اتخذت هذا السبيل حينما بدأت مع حلفائها اليساريين ثم اقصتهم واحداً تلو الآخر .

٣-الخطاب الإعلامي المعادي للسعودية :-
كل فصيل ثوري في منطقتنا العربية يكاد يكون من لزوماته الأدبية إعلان العداوه للمملكة باعتبارها ممثلة لليمين الرجعي ، إضافة الى تماهيها مع السياسة الإمريكية ، وجماعة أنصار الله لعبت على هذا الوتر ببراعة ، حتى أنها أزاحت شعارات الخلاف المذهبي مع المملكة ، بينما استخدمتها مع ادواتهم المحلية ، وركزت على شعارات استقلال القرار اليمني عن السعودية ، ولا شك ان استدعاء الخطاب الوطني ملهم جداً وفعال . وقد وجد ممن ينتسب إلى الشرعية من يصف اليمن بالحديقة الخلفية للمملكة ، الأمر الذي جعل المقارنة بين الفصيلين سهلة جداً على الأقل في الخضوع للحلفاء فلم نجد من الحوثيين من يصف اليمن بالحديقة الخلفية لإيران .

٤- إنهاء سطوة الزعامات القبيلة وكسر شوكة القبيلة:-
كان استدعاء القبيلة في النظام السابق مما شوه النظام الجمهوري ، إضافة الى أنه أصاب الدولة المدنية في مقتل ، و مافعلته الجماعة من كسر لنفوذ قيادات قبيلة ذات وزن كانت ممن تدير شأن البلد ، اسهم بشكل كبير في استمالة ضحايا هذه الزعامات أولاً ، ثم دعاة المدنية ، وهو ماحدث أيضاً لكثير من الجنوبيين بدايات الأزمة ، كان كم الشماتة كبيرا من جميع الخصوم .

٥-قوات عقائدية:-
الدافع العقدي لاشك أنه دافع لا يمكن الاستهانة به فهو يوفر لك جنوداً مجانيين ، وطاقة بحاجة الى توجيهها فحسب ، إضافة إلى كون هذه القوات لا تحتاج إلى عظيم جهد في التسيير والتبرير ، فالهزيمة ابتلاء والنصر منحة الهية . والجماعة يكفي أن تشاهد اندفاع قواتها وطبيعة المنتسبين لها حيث جلهم من فئة الشباب وصغار السن ، لكي تدرك الأثر العقائدي في معاركم و إخلاصهم لقياداتهم ، فنحن لا نلاحظ انشقاقات ذات وزن في المرحلة الحالية في صفوف أنصار الله ، بينما يحدث العكس لخصومهم .

٦- ضعف الخصوم عسكريا ومعنوياً:-
فأما عسكرياً فقد تساقطت معظم الجبهات أمام أي تقدم لأنصار الله ( بعض المراقبين يرجع ذلك الى توافقات مخفية وتفاهمات ) وأما معنوياً فجناح الشرعية خارج الوطن ولم يستطع العودة حت الى المناطق التي تحت سيطرته متعذراً كما يقول مناصروه بممانعة دولة الامارات في عودته الامر الذي لا يبرر عدم عودته إلى أماكن تعد خالصة السيطرة فيها لانصاره وللسعودية , إضافة الى انه لم يستطع أن يصرح بمنع الامارات له ولا حتى بفض التحالف معها ، إضافة إلى عجز حكومة الشرعية في تحقيق أي صمود اقتصادي ، غير ما يشاع عن فساد كبير يمارس من قبل الشرعية واتباعها وفي وضع يعيش فيه الشعب أسوأ حالاته ، حتى أن رئيس هذا الجناح أصبح يهاجم من عناصر كانت الى وقت قريب مقربة إليه ناهيك عن تذمر المواطنين بشكل عام .

٧-التخلص من عبء واجبات الدولة نحو مواطنيها وكادرها :-
إن تدير دولة من غير وجود بند الرواتب في ميزانيتك ، هذا إن وجدت الميزانية أصلا ، لهو أمر يسير خاصة إذا اضفت إليه إسقاط باقي الخدمات المنوط بالدولة تقديمها كالكهرباء مثلا والمياه والتربية والتعليم ،و من عاش تجربة خضوع ساحل حضرموت لتنظيم انصار الشريعة سيدرك كيف استطاعت الحركة الحوثية إدارة شأن المناطق الخاضعة لها .
فالجماعة تخلصت من عبء عظيم هنا ، وبقيت لها ميزة الجباية بشتى الصور إما زكوات أو مجهود حربي أو ضرائب مع تشدد قوي في تحصيلها ، خاصة مع التجارالذين أصبحوا يتباكون على اريحية النظام السابق معهم .
والحق أن جناح الشرعية هو من أهدى جماعة أنصار الله هذا الوضع المريح عندما أصرت جهات فيها على تحويل البنك الى عدن وتجاهلت كل الدعاوى التي طالبت بتحييد البنك عن الصراع بنقل البنك الى عمان بالأردن .

٨-تحجيم قوة الجماعات الراديكالية السنية وخطرها :-
قدمت سلطات أنصار الله للعالم انموذجاً به شيء من المصداقية في مواجهة الجماعات الراديكالية السنية ، صحيح أن مصطلح التطرف استغلته الجماعة في مواجهة خصومها بشكل عام ، لكن كان بإمكان العالم التغاضي ما دام أن الوجود الحوثي حجم خطر التطرف السني كما يرونه ، بالمقابل لا زالت مناطق عدة لم تبسط الشرعية فيها سلطتها ، وهي مناطق لم يستطع حتى النظام السابق فرض سيطرته عليها ،او كما يردد خصوم النظام السابق انه لم يرد اصلا السيطرة عليها .
فهل نجح الحوثيون حقاً أو أن المسألة لا تعدو عن كونها محض فشل للخصوم .