كتابات وآراء


الجمعة - 04 نوفمبر 2022 - الساعة 06:22 م

كُتب بواسطة : أمجد الرامي - ارشيف الكاتب



الحوثيون جماعة دينية لا يمكن لها أن تستمر إلا بوجود خصم وصراع ، تستمد منه مبرر بقاءها ، والهدنة طويلة الأمد ، ربما تمثل تهديداً لاستمرار قبضتها الباطشة بشعب اليمن ، فالسلام طويل الأمد يستدعي وجود استحقاقات الدولة ، وهو أمر يهدد الهيمنة السياسية لمجموعة دينية تستدعي صراعات من مجاهل التاريخ ، و تزج بنفسها بصراعات اكبر منها بل أكبر من داعميها حتى ، وتجر معها إلى الأتون شعباً جائعاً بائساً .
..................................................................................................
من المستفيد من الهدنة :
الهدنة عموماً في صالح الجنوبيين حالياً ، خاصة مع التمدد العسكري الأخير على التراب الجنوبي والذي يكاد بلغ منتهى قدرته حالياً ، مما يفرض على القوات الجنوبية تمكين وتثبيت سيطرتها على الأرض التي اكتسبتها مؤخراً ، ويزداد الأمر صعوبة مع استعداء الجماعات الراديكالية و رموز حواضنها على الأرض الجنوبية ، حيث الأخيرة أعلنت شن عملية عسكرية ضد هذا التمدد الذي نزع منها أراض لم تمسها كل الأنظمة السابقة .
الحوثيون أيضاً سيستفيدون إن تحققت الهدنة لكن فائدتهم في الأغلب دعائية ، حيث سيظهرون أنهم الأجدر بحكم اليمن شمالاً ، وربما بعض رشا من هنا وهناك ، إذا أخذنا بالاعتبار الاستحقاق الرياضي العالمي في المنطقة واقتراب شتاء أوربا و حرص الأمريكان على عدم وقوع أي حوادث من شأنها أن تتسبب في تصاعد أسعار الطاقة ، لكن إن قبلوا بالهدنة فإنهم بالمقابل سيخسرون وقتاً ثميناً في إجهاض مشروع الانتقالي في الجنوب والذي خطى خطوات قوية نحو كسر كل الهيمنة اليمنية على الجنوب حيث يبدو جلياً أنه بدأ خطوات استعادة دولته ، لذا فالأقرب أن الحوثيين سيصعدون من مطالبهم وسيضيفون شروطاً على الأقل ستعرقل مشروع الانتقالي في الجنوب وعلى الأغلب ستكون مالية ( مقاسمة إيرادات واشتراطات في الرواتب والتوظيفات وخلافه ) ، لذا فالهم الحوثي الحقيقي الآن هو فرملة العربة الانتقالية سواء بالاشتراطات المالية المدمرة لاقتصاد الجنوب ، أو بحرب مباشرة تستغل فيها تمدد قوات الانتقالي جنوباً .
....................................................................................................
الانتقالي بين خيارين :
1- قبول الهدنة بكافة اشتراطاتها :
ويتفرع عن هذا الخيار مكسب ومغرم فأما المكسب فهو : محافظة الانتقالي على مكتسباته العسكرية السياسية الأخيرة بل وتمديدها وتوسيعها أكثر ، وإضعاف من تبقى من رموز الشرعية السابقة و أحلافهم من الإصلاحيين وقواهم العسكرية التابعة لهم ، و أما المغرم فهو : النصر الدعائي لصالح الحوثيين واستغلاله في ضعضعة القواعد الشعبية للانتقالي ، وكذا الارهاقات المالية الضخمة التي سيتحملها الجنوب من إيرادات حضرموت وشبوة بشكل رئيسي ، والتي ستنعكس سلباً على الواقع الاقتصادي المنهك جنوباً .
.................................................................................................
2- رفض الهدنة :
بعض المعترضين على الهدنة بشروط الحوثيين التي تعتبر متعجرفة يرون إهانة في قبولها ، إذ كيف لنا أن ندفع رواتب من يحاربوننا ، ويتناسنا هؤلاء أن كل القوى العسكرية المعادية للمشروع الجنوبي كانت تستلم رواتبها من إيرادات الجنوب ومن نفط شبوة وحضرموت ، ولا زالت إلى الآن تستلم تلك الرواتب حتى أفراد غزوة خيبر سيئة الصيت ، وبغض النظر عن هذا التوصيف فالأكيد أنه أمر لا يليق بالسياسيين جعله سبباً رئيسياً في رفض الهدنة من عدمه .
في حال رفض الهدنة من قبل الانتقالي قطعاً سيصعد الحوثيون من استهدافهم للجنوبيين عسكريا ( وهو أمر قد بدأت إرهاصاته أصلاً )خاصة مع التمدد العسكري على الأرض والذي يكاد يكون قد بلغ منتهاه حالياً ، وسيمضون متزامنين مع القوى الراديكالية في إنهاك الجنوبيين عسكريا وسيحارب الجنوبيون عندها على ثلاث جبهات ( الراديكاليين – الحوثيين – قوى الإصلاح ) إضافة إلى بقايا شرعية صالح الذين من مصلحتهم إضعاف الانتقالي ، كما أن الانتقالي سيضيع فرصة موائمة الوضع الإقليمي والعالمي حاليا والذي بدأ أخيرا في التعامل مع الانتقالي كأمر واقع .
.............................................................................................
أخيرا :
دعونا نتذكر أن قضية الرواتب في الأخير قضية إنسانية ، و أنه في إحدى مراحل الحرب دمرت عصابة الأربعة المشروع الذي كان سيجنب الاقتصاد كل هذه الويلات والانهيارات ، عقب قرار نقل البنك إلى عدن ( بدلاً عن تحييده ونقله إلى عمان ) والقرار الآخر سيئ الصيت الذي عوم العملة .
على كل ستظل خيارات الانتقالي صعبة ومحرجة بالنسبة للهدنة خاصة في هذه المرحلة من الصراع والتي امتازت بمنعطفات حادة وغير متوقعة .
كتبه :
امجد الرامي