كتابات وآراء


الجمعة - 21 مايو 2021 - الساعة 08:59 ص

كُتب بواسطة : أمجد الرامي - ارشيف الكاتب



لا يمكن لذي قلب إلا أن يحزن لما يحدث في فلسطين فما بالك إن كان صاحبه عربياً ، ولكن هذا لا يعني أن تلمز جيشك أو جيوش دول الطوق مثلما هي النغمة السائرة اليوم بين المحللين ذوي الاتجاهات الراديكالية أو ممن ليسوا منهم لكن يحترمونهم , حيث يبدو جلياً أنهم يظنون أننا لم نعي الدرس جيداً حتى ونحن نعيش آثاره حالياً ، شيطنة الجيوش المحلية وتخوين الدول الوطنية . هذه الجيوش والدول الوطنية و التي بكل علاتها وعيوبها أثبتت أنها كانت تحمينا أوعلى الأقل بعضنا من أن ننتكس إلى جاهليتنا وتخلفنا المنمق بمظاهر الحضارة ، مظاهر هشة لا تحوي أي عمق و إذا شئت فانظر إلى العراق العظيم الذي ارتد إلى عصر عبس و ذبيان وأصبحت تتقاتل وتجول فيه جيوش المختار الثقفي باحثة عن قتلة الحسين وجيوش القاتل زياد ابن أبيه تستدعي المدد من الشام . انتكاسة العراق وهو من بلغ مبلغاً في الرقي والحضارة رسالة إلى بقية ثوريي العرب الذين فشلوا في أن يصنعوا تغييراً عندما أشعلوا ثوراتهم في جمهوريات القبائل فركبهم من تعلمون , كنا نظن أنهم استعجلوا قطف الثمرة لكننا اكتشفنا أن لا شجرة نمت أصلاً .
الصراع بين سيطرة العمامة والسيف ليس جديداً بل كانت البداية من التحول من الشورى إلى النظام الكسروي القيصري ، الأمر الذي ترك الشعوب بين خيارين أحلاهما مر ، سيف العسكر أو عمامة الفقيه ولا شك أن الخيار المنطقي كان رجحانه للسيف المطرز غمده ببضع آيات قرآنية طيلة العصور السابقة و إلى الآن .
قرأت مقولة لأحدهم وهو يزعم أن هذه جيوش العربية لم تطلق طلقة واحدة تجاه إسرائيل وأن كل حرابها موجهة نحو شعوبهم وهو منهج تربت علية أجيال الصحوة التي صورت الصراع العربي الإسرائيلي صراعاً يسهل إنهاؤه والانتصار فيه بمجرد سيطرة محمودي السر والسريرة وتغلبهم على السلطة وبالتالي تسيير الجيوش التي سترمي في البحر أولئك الأغراب الذين جاؤوا منه , منهج كان خطته تدمير عشرين دولة للحصول على دولة بل لمحاولة الحصول على دولة ، منهج جعل الفطن يستيقظ ويفهم أن التعامل مع العسكرتاريا أهون بكثير من الخضوع لراديكالي يعيش على استدعاء العواطف ولا يلقي بالاً لأي تبعات فالهزيمة إنما هي للكثرة الذنوب ولا تقتضي سوى انغماسا أكثر في الطاعة والخضوع للوالي الذي هو ظل الله عنده والفقر إنما هو مجرد ابتلاء يؤجر عليه والموت ينبغي أن يكون أغلى أمنية بغض النظر عما أنجزه إزهاق الروح هذا .
أمثل من هزم وقدم ألوف الشهداء والأسرى في 67 يقال له لم تضح بشيء أمثل من عبر السويس في 73 يقال له أنه لم يطلق طلقة تجاه العدو ، حتى في زمن حسني مبارك الرئيس المصري السابق كانت الأنفاق موجودة وتغاضى عنها الجار المصري فكان كل شيء يمر منها إلى حماس ومنظمة التحرير من الإبرة إلى الصاروخ .... وحتى بعد الشق العنيف الذي أحدثته جماعة الإخوان في مصر وتصنيفهم كجماعة إرهابية لم ترض الدولة المصرية أن تترك حماس وحيدة فهاهي اليوم تتعامل مهم و ترسل من يفاوض اليهود للتهدئة و إيقاف الحرب الظالمة بل وتلتقي بقيادات حماس في القاهرة رسمياً رغم أنها تصنف الإخوان كحركة إرهابية .
لاغرابة فهم يعمدون إلى نسف كل جهد لغيرهم وتهوينه فلا مجاهدين مثلاً إلا كتائب الإخوان في 48 ونسوا جهد باقي جيوش الدول العربية وعلى رأسها مصر الأردن سوريا والتي دخلت حرباً كانت تدرك أنها خاسرة ومع ذلك دخلتها فحصدت هذه الحرب الألوف منهم أمثل هؤلاء يقال فيهم أنهم لم يطلقو طلقة ضد العدو ... وهناك من العرب من ناصر الجيوش العربية تطوعاً ولم يسع بعدها لرسم هالة لجهاده في فلسطين بل قتل منهم من قتل وعاد منهم ممن كتبت له حياة إلى بلده .
في النهاية بعض الشر أهون من بعض ويكفيك من شر سماعه ... رغم أننا الان لم نعد نسمع هذا الشر بل أصبحنا نعيشه ... بوعي ونهضة حقيقية وبشعوب دول حقيقية لا شعوب جمهوريات القبائل ستعود فلسطين عربية كما كانت عربية .

كتبه : أمجد الرامي