كتابات وآراء


الإثنين - 29 نوفمبر 2021 - الساعة 05:09 م

كُتب بواسطة : أمجد الرامي - ارشيف الكاتب



شهدت السنوات الأخيرة زخماً شعبيا غير مسبوق منذ الإطاحة بنظام صالح إلى وقتنا الراهن وتراوحت بين النجاح المبدئي والفشل ، فما هو السبب في عدم جدوى الأثر المرتجى أو قلة الأثر المرجو من الاحتجاجات في مجتمعات مثل مجتمعاتنا .
1- قطاعات حكومية لا تنتج
لكي تؤتي أي احتجاجات من إعتصامات أو إضرابات اثرها المنطقي والطبيعي إلا وهو كسر عجلة الاقتصاد وايقاف الدورة المالية للحكومة ، فلا بد أن تكون القطاعات المحتجة والمضربة قطاعات منتجة فعلياً أو معنوياً ، و من المعلوم أن قطاعات الحكومية في معظمها قطاعات غير منتجة ، بل في أحيان يكون في تعطيلها توفير سيولة مالية للحكومة . فإيقاف أي قطاع من هذه القطعات لا يشكل أي أثر . وبالتالي فأي تحرك في هذه القطاعات سيكون ضعيف الأثر .
2- البطالة المقنعة :
تعاني كل أجهزة الدولة ومرافقها من البطالة المقنعة ، فمعظم الموظفين لا حاجة حقيقية لهم ، ودخلهم من وظائفهم يعتبر لديهم ولدى الدولة بمثابة الضمان الإجتماعي فحسب .
3- عدم وجود قيادة وطنية مجمع عليها :
لا حراك ناجح بدون قيادة مجمع عليها أو على الأقل تلقى توافقا مجتمعياً مقبولاً ، والقيادات المحلية للأسف منقسمة بشكل متواز مع المكونات السياسية الموجودة ، وكل فصيل ينظر بعين الريبة الى الفصيل الاخر .
4- عزوف القطعات الإيرادية عن الاحتجاجات :
الأسلوب الذي اتبعه النظام السابق بفصل المؤسسات والقطاعات الإيرادية عن القطاع غير الايرادي الخدمي كان اسلوباً ناجعاً في كسر أي حراك نقابي وجماهيري , وهذه القطاعات اليوم شبة منبتة عن الواقع الاقتصادي ، وإن تحركت فالدافع الحزبي يختفي خلفها ، أو يثير الظن بذلك ، و بالتالي فقدان ثقة الشارع في هذه الجهات .
5- العزوف عن الدوام :
كدولة متخلفة و فاشلة فإن فئات كبيرة من موظفي القطاعات الحكومية يعيشون اساساً اضراباً شبه مفتوح ومدفوع الأجر منذ أول يوم تم فيه توظيفهم ، لا عمل حقيقي ولادوام ، فبعض المكاتب لا يقوم بالعمل فيها غير شخص أو شخصين يقومان بالعمل وحدهما ، أو انهما يتبادلان الدوام مع زملائهم . وبالتالي أمثال هؤلاء لن يعنيهم اي حراك ناهيك عن انعدام تأثيرهم .
6- غياب الاستقرار الحكومي :
لكي يلقى اي حراك تجاوباً فلابد من وجود جهة بإمكانها ان تلبي متطلبات هذا الحراك وهو هنا الدولة ممثلة في الحكومة ، والحكومة لا وجود لها حقيقي على ارض الواقع ، فكل من يسير أمور المحافظات إنما يسيرها بحالة الأمر الواقع ، وليس بيده تغيير سياسات عامة وإنما التخفيف فحسب إن أمكن .
7- إدراك خطورة تداعيات الحراك الجماهيري الضخم :
مرت المنطقة بحراك ضخم بدأ أيام الحراك وانتهى بما يسمى بثورة التتغيير ، ورأى الناس أثرها وما آلت اليه ، وكيف أسهمت في انهيار البلد ، ثورة بدون وعي وبدون اهداف واضحة تسلقها خصومها قبل ابنائها . و الجاهير تستدعي إلم هذه الثورة عند أي حراك معتزم .
كما ان خوف البديل الذي سيثب على السلطة في حال أي حراك جماهيري مزلزل ، يمثل قيداً منطقياً لأي حراك .
8- عبودية الوظيفية :
يتحول الموظف الحكومي بعد عشرين سنة خدمة الى شبة آلة منزوعة المشاعر والاحاسيس ، ويتحول الى عبد مطيع مدجن للدولة حتى في اشد لحظات ضعف الدولة ، فيبقى على امل استعادة الدولة مكانتها ، فلقد حولها الىى شبه آلاه نسيانه للموظف ابتلاء ينبغي ا ن يصبر عليه ، لان حتمية مجيء الدولة و إنصافها له تحول الى أمر عقائدي . فكيف لمثل هذا أن يسهم في أي حراك مؤثر .
9- التجنيد من قبل التحالف :
رغم أن هذه الحرب دمرت مناح اقتصادية كبرى في هذا البلد ، إلا أنها من جانب أخر خلقت فرص عمل مربحة جداً ، فمثلاً هناك قرابة 100 الف مجند لدى التحالف يتقاضون مبالغاً ضخمة ، وكما يقول مراقبون أنه بهذه المبالغ استطاعت محافظات مثل عدن وما جاورها الصمود نوعاً ما ، في ظل الانهيار الإقتصادي العام . هؤلاء لا يمكن لهم ان يتعاطوا مع أي حراك جماهيري ، هذا إذا لم يقفوا ضده .
10- القطاعات غير الحكومية :
مثلما أن قطاعات للدولة تحتوي فئة من الشعب كموظفين ، فإن ثمة فئات كبيرة لا تنتمي الى الهيكل الإداري للدولة ولا تنتظر منها شيئاً ، هؤلاء يتماشون مع أي إنهيار للعملة ، برفع إما الاسعار ان كانوا تجاراً أو برفع الأجرة أن كانوا ذوي مهن ، وهؤلاء يصعب استجابتهم مادام بإمكانهم التعويض عن أي فارق في انهيار العملة .
الخلاصة لا تاثير الا في المجتمعات المنتجة و المستقرة سياسيا الى حد ما .......
لكن يبقى حتى الصراخ وحيدا حقاً مشروعاً لكل مظلوم