كتابات وآراء


الأحد - 30 يوليه 2023 - الساعة 06:44 م

كُتب بواسطة : سعيد بكران - ارشيف الكاتب



عندما نتفق على التعريفات نستطيع ان نتجاوز هذه الفكرة التي هي مرتبطة بتاريخ ، لدينا تعريف خاص للانفصال الذي يطرحه المجلس الانتقالي في مقابل ما يفهمه الآخرون ، نحن لسنا في عام 94م ، وهذه اللحظة التاريخية تختلف كليا معطياتها على الأرض والواقع الاستراتيجي والسياسي .... و أنا كقارئ وصحفي ومحلل ومتابع ومواطن أعتقد أن المجلس الانتقالي لا يمثل الدعوى الانفصالية ، وان الانفصال الحقيقي إنما يمثله المشروع الحوثي ، وان الانفصال إنما هو حاصل اليوم في صنعاء ، فكل المعطيات تقول أن صنعاء اليوم لم تعد صنعاء التي يعرفها حتى الوحدويون الذين يتهمون الجنوبيين بالانفصال ، اليوم صنعاء انفصلت عن الرياض وانفصلت عن الكويت والقاهرة .....وتوحدت مع إيران ومع المشروع الإيراني ، هذا الأمر بحد ذاته هو الانفصال الفعلي و الحقيقي .

مشروع الانتقالي هو تحرير الإرادة الجنوبية وليس فرض الانفصال :
وهذا ما يعمل عليه المجلس الانتقالي ، وجاء على لسان رئيسه ، فلست متحدثا عن المجلس وقد أورده أيضاً قبل أيام في لندن ، المجلس الانتقالي لديه مشروع حماية الإرادة الجنوبية ، وتقرير حق الجنوبيين في الاختيار ، ما بين الوحدة أو المشروع الاتحادي أو استعادة الدولة الجنوبية ، هذا هو المشروع المعلن في المجلس .....المجلس لا يمكن أن يفرض مشروعه على الجنوبيين او اليمن بشكل عام بقوة السلاح ، و إنما مهمة المجلس هي منع اختطاف الإرادة الشعبية الجنوبية ، ومنع فرض أي مشروع على الجنوبيين ، كما حدث في 94م ، هذه هي المهمة الوطنية والرئيسية للمجلس الانتقالي ، والتي يفترض ألا يكون عليها خلاف ، يجب أن يكون هناك اتفاق على إن قرار الوحدة أو فك الارتباط يكون بيد الشعب .

مصير المجلس الانتقالي في الرئاسي :
الذين يتساءلون عن مصير المجلس الانتقالي في المجلس الرئاسي ، أعتقد أن السؤال ينبغي أن يكون هكذا ...ما هو مصير الأطراف والشركاء الشماليين إذا استمروا بهذا الأداء ؟ و الذي لم يقدم أي جديد لا للشمال ولا للجنوب .
هناك تحدي تواجهه الأطراف السياسية المنتمية للشمال و الأحزاب اليمنية الممثلة في مجلس الرئاسة ، هل من الممكن أن تستمر بهذا الفشل ؟ ... فهي لم تقدم شيئا على الإطلاق للمناطق الشمالية .........لم تقدم اختراقاً لموضوع فتح الطرقات.... و لتعز ولحصارها ....ماعدا الهاشتقات ! ...ولكن على الأرض لم تحقق هذه القوى شيئا على ارض الواقع ، مارب لها مشاكل كذلك عسكريا وسياسيا لم تستطع هذه القوى أن تتفق بيتها البين ولم تنتج أي مشروع يحل هذه المشاكل .
لن يكون هناك نجاح في المجلس الرئاسي ، ما لم يتم إيجاد رؤية وتغيير للتعريفات ، وتحديد للمشكلة أين هي بالضبط ، اليوم نسمع جلبة كبيرة حول المجلس الانتقالي وحول الجنوب ، وكان الحرب والمشكلة كانت موجهة تجاه عدن ، وليس نحو السيطرة الحوثية والمشروع الإيراني ، المشكلة الحقيقية في عدن إنما هي مشكلة فشل اداري ولا يمكن مقارنتها بالمشكلات الوجودية التي يمثلها الحوثي .
وهذه الأصوات التي تهاجم المجلس الانتقالي ليست جديدة ، ولديها توجهات ايدولوجية إخوانية ، وهي معروفة وتيارها معروف ولديه عداء نهائي مع الانتقالي ، ويعتبر أنه نقيض لليمن الاتحادي ، فليس هناك جديد لهذه الحملة .

هل تأثرت مكانة المجلس الانتقالي في حضرموت :
مثل هذا التفكير مثير للغرابة ... أولا هذا المشروع ليس جديداً فلم ينتج في الرياض اليوم ، و أعني هنا مشروع المجلس الوطني ومشروع حضرموت الرؤية والمسار وكل هذه الأدبيات والتحركات انطلقت منذ عام 2011م بالضبط ، هناك وثيقة اسمها حضرموت الرؤية والمسار سابقة ، فلا جديد فيما يطرحه هذا المجلس الجديد ، مجرد اسم الجديد فقط ، غير هذا فهو لا يطرح شيئا مختلفا جديدا، كقولهم حضرموت سيدة قرارها ....والذي وهو نفسه مشروع الانتقالي الذي يقرر أن كل محافظة أن يكون لها هامش عسكري وامني واقتصادي خاص بها ، وأن تستثمر ثرواتها ، وأن يديرها أبناؤها ، وهو ما أعلنه الانتقالي في مؤتمر الحوار الذي عقده في عدن ،بأن مشروعه هو دولة مدنية فيدرالية حديثة ، فما هو التناقض أو الجديد الذي جاؤوا به .

هل خسر المجلس الانتقالي حضرموت لصالح المجلس الحضرمي :
الأماني سهلة ... وأنا حضرمي وأعرف من هو الفاعل المؤثر الكبير في الشارع الحضرمي ، والذي هو المجلس الانتقالي لأن قوة الانتقالي تنبع من اعتماده على الطبقات الشعبية وليس على النخب الأيديولوجية والقبلية ولا على الجماعات ، ويمكن القول أن نقطة ضعف الطرف الآخر هو أنه يعتمد على ميراث 7/7 و على كل هياكله ، بل ويدافع حتى عن وجود القوات العسكرية في حضرموت ، معتبراً أن هذه القوات يمكن أن توفر حماية لمشروعه ، وبالتالي هذا المشروع لديه مشاكل جذرية وفي العمق ، فلا يمكن أبداً بحال أن ينهي المجلس الانتقالي .
لماذا تعادي مجلس حضرموت الوطني
معارضتي للمجلس الوطني أتت كوني أعتقد ان هذا المجلس بسلطة الإخوان المسلمين عليه وعقليتهم الصدامية مع مشروع الانتقالي ستجر حضرموت إلى مآسي وصراع ، ليس في مصلحة حضرموت ولسنا بحاجة إليه .
هذه الجماعة لديها مشكلة في حضرموت ، كون هناك أسماء داخل المجلس اشتركت مع تنظيم القاعدة في عهد احتلاهم للمكلا ، وشكلت غطاء سياسياً للتنظيم اسمه المجلس الأهلي ، فخرج هذا التنظيم بالاسم الجديد الذي سموه به ( أبناء حضرموت ) في ما يتعتبر عملية تضليل ليست للحضارم فحسب وإنما حتى للمجتمع الدولي .
كل ذلك جرى تحت مبرر ( إننا سنجر تنظيم القاعدة إلى الاعتدال ) ولكن لم يحصل شيء من هذا ، فما تم خدعة فهذا تنظيم إرهابي ، وهم مصنفون ومعروفون بأسمائهم و مستهدفون عالميا .
الحضارم لا يمكن أن يقبلوا بمن كان له ارتباط وعلاقة بتنظيم القاعدة ، حتى وإن كان هذا في مكون جاء عن طريق إرادة سعودية ، هذا مشروع سقط في 24 ابريل ولا يمكن أن يعود ، وكل الأشخاص الذين اشتركوا فيه .... سواء مباشرة أو بالتغطية السياسية او الإعلامية أو الأمنية يجب أن يحاسبوا ... وهو ما اعتقده كحضرمي .

طبيعة الاهتمام السعودي بحضرموت والمحافظات الشرقية :
هناك تناقض في الخطاب الإعلامي الذي يصدر عن الأشقاء ، فهناك حديث عن أن حضرموت تشكل عمقا استراتيجياً ، و أن هناك علاقات خاصة مع حضرموت ، ولكن هناك أيضا محافظات ...كالجوف تشكل عمقاً استراتيجياً و جغرافياً وأمنياً أكثر من حضرموت بالنسبة للسعودية وقد تركتها السعودية للحوثيين ، نحن لا نعرف ولم نفهم ما هي الأولويات في هذا الخطاب ، هل هذا الغطاء الإعلامي هو للضغط على الانتقالي لانتزاع بعض التنازلات للحوار مع الحوثيين ، هل هو إستراتيجية ثابتة للحفاظ على السلطة في حضرموت ، و التي سيكون للإخوان المسلمين فيها مكانة كبيرة بحكم علاقتهم بإدارة الملف السعودي وقربهم التاريخي من هذه الإدارة عبر الدوائر المعروفة ، هل سيكون الأخوان المسلمون هم المرشحون للسيطرة على حضرموت .... طبعا هذا الخيار سيؤدي إلى صدام داخل حضرموت .

قوة الانتقالي لا يمكن مصادرتها :
لا يمكن بحال مصادرة حضرموت والمحافظات الشرقية لحساب أي طرف ، فالتيار المؤيد للانتقالي فيها ليس سهلا ولا بسيطا ، و بغض النظر عن موقف أي طرف من الانتقالي فهو حاضر بقوة على الأرض ، ولديه قوات عسكرية حتى داخل وادي حضرموت نفسه وعلى تخوم السعودية ، هذه المسألة ليست بالسهولة ، ولا يمكن للتحركات السياسية أن تنهي تياراً وتنهي جهة مثل الانتقالي ، جهة لها تحالفاتها الإقليمية واتصالاتها الدولية .
لقد استفاد الانتقالي كثيراً من الشرعية ،حيث فتح عبر مشاركته لها كثيراً من القنوات مع المجتمع الدولي ومع الفاعلين الدوليين والإقليمين ، وبالتالي فإن فكرة إزاحة الانتقالي لا يمكن أن نكون بهذه السذاجة والبساطة ، أو بمثل هذه التحركات ... هذه أفكار مثيرة للسخرية للأمانة ، حتى وإن كان وراءها أطراف في المملكة العربية السعودية ، أو من المسؤولين عن إدارة الملف اليمني فهي غير واقعية وغير ممكنة ، هذه نقطة والنقطة الأخرى ، الأمر الذي يدعو لسؤال هؤلاء .... ما هو مصير الإخوان المسلمين والإسلام السياسي في الجنوب ؟ ، ما هي حظوظ حزب الإصلاح في السيطرة على الجنوب او حضرموت ؟ ، ما هو مصير الحركة الإسلامية في الجنوب وحضرموت ؟ .

الانسحاب الإماراتي هل أضعف الانتقالي ؟ :
الا أستطيع أن أؤكد هل انسحبت الإمارات أم لم تنسحب ، لكن ما يمكن تأكيده هو أن الانتقالي لديه وجود عسكري قوي في ساحل حضرموت وأيضا وادي حضرموت ، وهذا يجب أن يوضع في الحسبان عند الحديث عن انتهاء الانتقالي من حضرموت ، لأن هذا إنما هو تحليل رغبوي ..... الانتقالي لا يزال موجوداً في حضرموت و لديه كل قواته وكل إمكانياته العسكرية ، ولم يتم الإضرار بأي شي من إمكانيات الانتقالي العسكرية في حضرموت حتى مع غياب الأمارات .

انعكاس الخلاف السعودي الإماراتي على الانتقالي :
يفترض طبعاً أن يتضرر الانتقالي من الخلاف السعودي الإماراتي ، لكن الانتقالي لا زالت لديه أوراق ، ويمكن أن يدافع عن نفسه ، وهنا يمكنني أن أعتبر أن الفاتورة الباهظة ستدفعها الأطراف الشمالية والقوى الشمالية في المجلس الرئاسي وليس الانتقالي ، الأطراف الشمالية هي من سيخسر ، وهي من الطريق مسدودة بحق إمامها ، تلك الأطراف التي يمكن أن نقول أنها موالية للملكة العربية السعودية هي ستخسر الآن في الميدان وفي الميزان العسكري ، حيث أنها لم تستطع أن تحقق أي انجاز لها داخل الجنوب ، فالمجلس الانتقالي هو الذي سيخصم من رصيد هذه القوى لا العكس ، الانتقالي هو الطرف الأقوى في الجنوب ، ولولا فاعليته وقوته ما كان لهذه الجلبة كلها أن تحدث .

الفشل في الخدمات :
المجلس الانتقالي لم يتحمل ملف الوضع الاقتصادي على الإطلاق ، الاقتصاد بيد رئيس الوزراء وبيد رئيس مجلس القيادية وبيد الأشقاء في المملكة العربية السعودية ، بدليل أن الودائع لم يأت بها الانتقالي من حلفائه ، ولا وفر الأموال ولم يتدخل في موارد الدولة ولم يضع يده عليها ، وبالتالي ما يحدث الآن هو نوع من الاستخدام السيئ للخدمات في الصراع السياسي الحاصل ، فلا يمكن أن نحمل الانتقالي وحده هذا الفشل لان خصومه يقولون أن الحكومة شراكة وبالتالي الشريك الآخر الا يتحمل شيئا .

معين وحكومته :
معين عبدالمللك فشل فشلاً ذريعاً في أن يكون يقدم أي تغيير صحيح ، هو متحدث لبق لكن في الواقع لم يحدث شيء ، هذه السنوات كلها لم يستطع معين أن يحل مشكلة واحدة من مشاكل البلد الاقتصادية ، وبالتالي أن كان يعتمد فقط على دعم سعودي فلا يمكن أن يسعفه ذلك ، لان الواقع يتحدث عن حالة فشل يجمع عليها كل الأطراف ، حتى الأطراف المتصارعة الانتقالي و المؤتمر والإصلاح مجمعون أن الرجل فشل في ان يقدم أي حلول حتى في المسائل البسيطة .

عدن والحالة الأمنية :
الحالة الأمنية في عدن وما يثار عنها من يريد أن يتابع أخبار عدن بحياد وبنوع من المهنية سيكتشف أن الانتقالي نجح في فرض حالة أمنية مستقرة بشكل كبير في عدن ، والتي هي مركز الصراع و هي مطوقة بجبهات صراع كثيرة جداً ، حيث لا تبعد بعض الجبهات عن عدن سوى أقل من خمسين كيلو ، ومن يسوق لغير ذلك فهو يستقي اخباره من أطراف معينة
مستقبل الانتقالي
لا ينبغي الحديث عن مستقبل المجلس الانتقالي ، فالمجلس الانتقالي حقق من النجاح والحضور الدولي الشيء الكثير ، الجانب المهم والذي ينبغي القلق من أجله هو مستقبل الصراع حول مشروع اليمن الاتحادي في وجود الحوثيين في صنعاء ، إلى أين سنذهب نحن والمؤيدين لليمن الاتحادي في ظل وجود المشروع الايراني في صنعاء ، هل هناك مستقبل لهذا المشروع .....
و واهم من يروج أن الانتقالي في موضع ضعف و يستقي معلوماته من الحوثيين ، الانتقالي في موقف قوة ، كل هجمات الحوثيين تبوء بالفشل ، وآخرها في كرش يجب أن يفهم الجميع أن المناطق تحت سيطرة الانتقالي وقواته ليست هشة كما يصور الحوثيون ومن يصدقهم ، وأبسط معطى يؤكد قوة الانتقالي هو أن هذه الهدنة قامت إثر هزيمة كاسحة للحوثيين في بيحان ، فنحن دخلنا الهدنة مع انتصار ، وأتت الهدنة والحوثي يجر أذيال الهزيمة ، ولولا أنه خرج على بعض الخطوط لواصلت القوات الجنوبية هجومها وحررت 13 مديرية في مارب حصل عليها الحوثي بدون جهد كبير، الوضع العسكري في جبهات الجنوبيين قادر على التقدم وليس التراجع .
اليوم أصبح للانتقالي القدرة على الوصول إلى عواصم القرار الدولي ، و أصبح يضع رؤيته إمام الفاعلين الدوليين ويطرح خطاباً عن حق الجنوبيين في تقرير المصير وفي الاختيار الديمقراطي الحر ، وهو خطاب لديه حضور في هذه المجتمعات ، هذا المجلس الذي يقل عمره عن سبع سنوات أصبح يتنقل بين عواصم الدول الفاعلة ويضع رؤيته بكل صراحة و وضوح ومرونة وبكل ذكاء ، وهذه مسالة يجب الاعتراف بها .

الانتقالي والتقارب مع القوى الشمالية :
لاشك أن هناك معوقات لهذا التقارب ، ولكن ليست من جهة الانتقالي فالانتقالي جاهز للتقارب ، وقد أعلنها صراحة بل أن الانتقالي قد صنع هذا التقارب فقد صنع جبهة في الساحل الغربي وصلت إلى الحديدة ، الانتقالي لدية مشكلة وهي مشكلة الجنوب كله و تكمن هذه المشكلة في ما تبقى من آثار حرب 94 والتي تشكل بكل تداعياتها وصمة عار على جبين الشعور الجنوبي ، و بشكل عام فعندما يتم التوافق على طي هذه الصفحة وعلى إقفال هذا الملف عندها يمكن التفاهم ، لكن إبقاء المسائل في الجنوب مرتبطة بعقلية وذهنية 7 يوليو 94 هو أمر سيسبب مشاكل كبيرة ، هناك تحركات لفتح مجال للحوار مع القوى الوطنية في الشمال ، وهذا ما يجب وأنا أدعو الانتقالي لذلك ، لكن بشرط أن تغادر قوى الشمال ذهنية وعقلية وروح 7يوليو 94 ، وأن تتعامل مع الواقع بطريقة مختلفة ، وأن يتم النقاش حول وضع الشمال... وكيف تستعاد الدولة ...وكيف يمكن أن ينتهي هذا المشروع الطائفي الانفصالي الانعزالي عن الأمة العربية والحاضنة والجوار .....وليس فقط عن الجنوب وان يتم إعادة تعريف الانفصال