كتابات وآراء


الخميس - 12 أكتوبر 2023 - الساعة 03:18 م

كُتب بواسطة : أماني بايمين - ارشيف الكاتب


في محافظة الواقعة جنوب شرق اليمن لعبت تجربة التعليم في المجمعات المسائية دوراً هاماً في المجتمع لمواجهة الامية والعزوف عن التعليم وتحسين المستوى التعليمي.
جاءت الفكرة في عام 2015م من قبل قيادة مكتب وزارة التربية والتعليم في المحافظة لإنشاء مجمعات مسائية تحتضن الكثير ممن عجزوا عن استكمال مسيرتهم التربوية والتعليمية، وتوقف تحصيلهم العلمي عند مستويات متواضعة ما دفع بهم إلى سوق العمل ومتطلباته بإمكانات ضعيفة وخيارات محدودة لا تمنحهم القدرة على تحسين ظروفهم المعيشية أو زيادة مردودهم المادي في مواجهة أعباء الحياة.
كان اول مجمع مسائي افتتح في عام 2017م للذكور وهو مجمع الشاطئ بالمكلا عاصمة حضرموت بحسب موقع التربية والتعليم محافظة حضرموت فيما بلغ عدد المجمعات 18 مجمع حتى عام 2022م ويبلغ عدد الملتحقين بها حوالي 1659 دارسا من منقطعين عن الدراسة وربات بيوت وموظفين يسعون لتحسين مؤهلاتهم ودخلهم المعيشي والمجمع يعتبر نظام مدرسي متاح لمن انقطع عن الدارسة لمدة ثلاث اعوام وأكثر، مع مراعاة خاصة في آلية تطبيق اللوائح الفنية والإدارية.
إصرار وتحدٍّ
يُعرَف عن النساء والفتيات في حضرموت حبّهن للتعليم، والذي يضعنه كجزءٍ لا يتجزّأ من الحقوق التي ينبغي أن تكون مكفولة لهن بصورة بديهية.
هذا الشغف شجّع السلطة ووزارة التربية والتعليم على إنشاء "المجمعات المسائية" التي كان افتتاحها قبل ما يقارب ستة أعوام.
شكّل إنشاء المجمعات المسائية بعد ذلك، دافعًا لدى كثيرٍ من النساء للالتحاق مجدّدًا بصفوف الدراسة وإكمال مراحلهن التعليمية. لا سيما أنّ هذه الصفوف لا تختلف كثيرًا عن المدارس النظامية المتعارف عليها. وتعدّ المجمعات المسائية خطوة تتقدم بها محافظة حضرموت عن سواها من المحافظات.
من أبرز العوامل التي دفعت الفتيات للالتحاق بالمجمعات المسائية هو حاجة الفتاة إلى إثبات قدرتها على المساهمة في تسيير الحياة كشريكة مكافئة للرجل، وقدرتها على ذلك يجعل من الحياة أكثر فاعلية، حيث يتشاركان المسؤولية معًا، كتعليم الأبناء، وتحسين المستوى المعيشي من خلال ازدياد فرص حصولهن على عمل، أو تحسين المستوى الوظيفي لهن في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اليمن، بسبب الحرب المستمرة منذ ما يقارب الثمانية أعوام.

ضعف التعليم أزمة مستمرة
أثّرت الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015، على التعليم في البلاد الى حد كبير، إذ يؤكّد في هذا السياق تقرير صادر عن منظمة اليونيسف، أنّ ما يقارب 6 ملايين طالب وطالبة قد طالهم الضرر من اضطرابات التعليم خلال فترة الحرب، وهو ما سيكون له تبعات هائلة على المدى البعيد، وفي إشارة إلى الفترة التي سبقت جائحة كورونا؛ فقد ذكرت الإحصائيات أنّ ما يقارب المليونَي طفل كانوا خارج العملية التعليمية، وتتعرّض الفتيات اللواتي تسربن من الصفوف الدراسية للزواج المبكر، بينما يصبح الفتيان المنقطعين عرضةً للتجنيد القسري.
وكأحد الحلول لهذه الأزمة، أشارت مديرة مجمع فوة المسائي للطالبات، الى ان "المجمعات المسائية قد تكون البديل المناسب للمتضررين من هذه الحرب بالنظر إلى نجاح التجربة الحضرمية لهذا النوع من المدارس"، كما أشارت إلى أنّ الإقبال يزداد عامًا بعد عام، على هذه المجمعات، وخاصةً في مستويات النقل كالصف الأول الثانوي، وتتراوح أعمار الطالبات المنتسبات من أوائل العشرينيات وقد يتجاوزن الخمسين من العمر في حالات قليلة، لكنها موجودة.
وكان لهذه التجربة الفريدة التي حظيَت بها مدن حضرموت من خلال هذه المجمعات المسائية والتي تستقبل الطلاب والطالبات من مختلف المناطق اليمنية، أثرها الفعَّال على النازحين من مناطق الحرب والذين تقطّعت بهم سبل الأمان في مدنهم وقراهم وفتحت لهم هذه المجمعات فُسحة من الأمل لترميم ما حطمته الحرب، علَّهم يحظون بفرصة للاستمرار في العيش بطريقة فاعلة وإيجابية في المجتمع، علَّ هذه التجربة الناجحة تلقى صداها في بقية المناطق والمدن اليمنية لتتكرر التجربة وتتضاعف النجاحات وتقل نسبة الأمية التي تنخر في تطلعات الوطن والمواطن.
وجدت هذه الفكرة الطموحة استجابة جيدة ودعم من قبل قيادة السلطة المحلية بالمحافظة يومها، لتتسع دائرة الفائدة وتشمل التلاميذ والطلاب الذين تعثروا في سنوات دراستهم وضاقت بهم السبل ولم يجدوا سبيلاً إلى استعادة زمام المبادرة للتدرج في السلم التعليمي والعودة إليه والسير فيه من لحظة التعثر وسنة الغياب التي دفعت بهم إلى المجهول، لتبرز أمامنا العديد من التحديات لكي نصل بهذه الرؤية إلى أرض الواقع التربوي والتعليمي بالمحافظة

تقول فائزة المحمدي، التي لجأت إلى "المجمعات المسائية" في حضرموت، لكي تتمكن من نيل شهادة الثانوية المجازة من وزارة التربية والتعليم ؛ إنّها وجدت صعوبة في مواصلة تعليمها الجامعي عند عودتها مع أسرتها إلى اليمن قبل أكثر من عشر سنوات، حيث كانت تقيم في المملكة العربية السعودية، والتي أكملت فيها فائزة تعليمها الأساسي والثانوي، غير أنّها لم تتمكن من استخراج شهادتها للثانوية العامة التي تُمكِّنُها من الالتحاق بالتعليم الجامعي حيث مكنها التعليم المسائي حصولها على شهادة الثانوية العامة والتحاقها بعد ذلك بكلية الشريعة والقانون في جامعة حضرموت.
كذلك عبد العزيز سالم عمر الذي تعثر مستواه في الصف السابع ما أدى الى انقطاعه لمدة سبعة أعوام وبعد التحاقه بالسلك العسكري قرر استكمال مراحله التعليمية حتى تخرجه من الثانوية العامة هذا العام وخلال تجربته وجد لديه طموح بإكمال تعليمه الجامعي كما أشار الى ان التعليم في المجمعات المسائية يتسم بمرونة وتحفيز من قبل الكادر التربوي.

ويعتبر "التعليم" من أهم الفرص التي تُمنَح للإنسان ليبدأ من جديد في مجتمع عُرف عنه منذ القدم حبّ العِلم ونشره.
مؤخرا تم تقليص عدد المجمعات في حضرموت إلى حوالي اثني عشر مجمعا موزعة في مديريات المكلا (مجمع الميناء المسائي – مجمع فوه المسائي – مجمع الشاطئ – مجمع روكب) واثنان في مديرية الشحر واثنان في مديرية غيل باوزير والريدة وقصيعر نظراً لقلة اقبال الطلبة والطالبات حسب استطلاع من مكتب التربية والتعليم.
تساهم المجمعات في تمكين من كانوا منقطعين عن التعليم او النازحين على مواصلة تعليمهم لكنها تعني بمن توقفوا عن التعليم مدة ثلاثة سنوات سابقة او اكثر ما يضيع مدة سنتين على النازح المنخرط في العمل صباحا او حتى ابناء المحافظة الذين لا يتمكنون من الالتحاق التعليم الصباحي.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي