كتابات وآراء


الأربعاء - 11 يناير 2023 - الساعة 04:31 م

كُتب بواسطة : علي بارواس الكثيري - ارشيف الكاتب



تعتبر جريمة الإبتزاز الإلكتروني واحدة من أبرز الجرائم الحديثة التي ظهرت جلياً بالتوازي مع تطور وسائل الإتصالات وأدوات التكنولوجيا الرقمية وتضاعف أعداد مستخدميها، وعلى الرغم من جُملة الإيجابيات الكثيرة والمزايا التي نتحصل عليها عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة في حياتنا اليومية، إلا أننا في المقابل نواجه إنعكاسات سلبية عديدة على الفرد والمجتمع من جراء الإستخدام السيء والخاطىء لهذه التقنيات المتطورة، فمنذُ أن عرفت البشرية إستخدام الأدوات والأجهزة الرقمية والبرامج المختلفة بدأت تتغير ملامح بعض الجرائم التقليدية وتتبلور لنا في صور وأفعال ذات طابع إجرامي غير مألوف في مجتمعنا المعاصر.

فقد عرف بعض الباحثين معنى الإبتزاز الإلكتروني بأنه : عملية تهديد وترهيب تصل المجني عليه لإجباره على تنفيذ طلبات الجاني مقابل الحفاظ على سرية معلوماته وملفاته الشخصية التي لا تظهر غالباً للعلن، وهنا نُعرف الإبتزاز الإلكتروني بشكل مختصر بأنه : فعل غير مشروع يقوم به شخص ما يطلق عليه "المبتز" إتجاه شخص آخر يطلق عليه "الضحية" بهدف تحقيق مصلحة مادية أو معنوية غير مشروعة لنفسه أو لغيره نتيجة هذا الفعل.

فلا يخفى على أحداً منا قصص ووقائع إجرامية مماثلة لهذه الأفعال الذنيئة حدثت وتحدث بشكل مستمر في مجتمعاتنا العربية كافة من قبل أشخاص يعانون من إختلالات نفسية في مبادئهم الشخصية وتربيتهم ونشئتهم الصحيحة بين أفراد المجتمع، فلا يعقل أن من يقوم بمثل هكذا أفعال إجرامية يعتبر شخص واعي وسليم خلقياً، فالفطرة السليمة للإنسان ترفض القيام بمثل هذه الأفعال الذنئية ولا تتقبلها أطلاقاً.

فالقانون اليمني يعتبر أحدى أبرز القوانين المشرعه في الوطن العربي، رغم أنه لم يحظى بأي تعديلات أو إقرارات لقوانين أو فقرات تخص بعض الجرائم الحديثة والمتجددة إلا أن المشرع اليمني قد نظم مواد وأحكام قانونية حيال معظم الجرائم التقليدية والتي تنطبق على هذه الأفعال الغير مشروعة وشدد على معاقبة الفاعلين حيال ذلك فقد نصت المادة (245) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني نافذ على : (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من هدد غيره بأي وسيلة بإرتكاب جريمة أو بعمل ضار أو بعمل يقع عليه أو على زوجه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة إذا كان من شأن التهديد أن يحدث فزعا لدى من وقع عليه)، وكما نصت المادة (313) من نفس القانون على : ( يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامة كل من يبعث قصداً في نفس شخص الخوف من الإضرار به أو بأي شخص آخر يهمه أمره ويحمله بذلك وبسوء قصد على أن يسلمه أو يسلم أي شخص آخر أي مال أو سند قانوني أو أي شئ يوقع عليه بإمضاء أو ختم يمكن تحويله إلى سند قانوني)، بالإضافة إلى مواد وأحكام قانونية أخرى في نفس السياق بالمواد القانونية رقم : (256-257-258) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني نافذ.

ومع إنتشار ظاهرة جريمة الإبتزاز الإلكتروني في بعض المجتمعات علناً كانت أو سراً، فأننا نطالب الأفراد بالمجتمع رجالاً كانوا أو نساءً بعدم السكوت عن هذه الأفعال الإجرامية وإبلاغ الجهات القضائية والأمنية مباشرة عند التعرض لمثل هذه الجرائم، وإعادة النظر في استخدامهم لوسائل التواصل الإجتماعي مع عدم إفشاء أسرارهم الشخصية للغير، وأيضاً عدم التعامل مع التطبيقات والروابط الوهمية الغير محمية والتي من خلالها يتم اختراق بعض الأجهزة الإلكترونية من قبل ضعاف النفوس، بالإضافة إلى الإلتزام بحدود معقولة في بناء العلاقات الشخصية دون السماح للوصول إلى الخصوصيات الشخصية بشكل مباشر، وكما نُشدد على عدم حفظ البيانات الشخصية كالصور ومقاطع الفيديوهات وأرقام الحسابات وأي رموز أخرى في أجهزة الجوالات وخاصة جوالات النساء إلا في أماكن آمنة يستبعد الوصول إليها من أي شخص آخر.

ومن جانب آخر نطالب المشرع اليمني بالعمل على إطراء القانون اليمني بفقرات وتعديلات وقرارات تواكب المتغيرات الواردة في الوسائل الإجرامية الحديثة والمتقدمة، وكما نطالب الجهات القضائية والأمنية من تعزيز العمل المشترك ومتابعة مثل هذه الجرائم المتجددة والحساسة، وإنشاء أقسام خاصة بكوارد أمنية متمكنه بمركز الشرطة بكل المديريات لمكافحة هذه الجرائم ونشر الوعي القانوني من خلالها، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه بالمساس بخصوصيات الأفراد وحرياتهم الشخصية المكفولة لهم شرعاً وقانوناً.