كتابات وآراء


الخميس - 27 أبريل 2023 - الساعة 11:22 م

كُتب بواسطة : م. عمر محمد زين بن شهاب - ارشيف الكاتب


لقد شهدت السنوات الأخيرة منذ عام 2000م تقريبا تغيرات مناخية واضحة باليمن وهذا أدى بدوره الى انعكاسات إيجابية وسلبية على البيئة والمجتمع بشكل عام.

فكما هو معروف ان الانسان يستبشر بقدوم الأمطار والسيول لما لها من أثر إيجابي على حياته الاقتصادية والاجتماعية من خلال زراعة المحاصيل وزيادة منسوب المياه، لكن للأسف الشديد في السنوات الأخيرة أصبح قدوم السحب وسماع الرعد أصبح امر مخوف لدى المواطن العادي بسبب الفيضانات المدمرة وهذا ما شهدناه في صنعاء وعدن و حضرموت والمهرة وسقطرى فالبناء في مجاري السيول وإغلاق منافذ تدفق السيول وعدم وجود تصريف آمن للمياه من المؤكد سوف يعكس بشكل مباشر على بيوت المواطنين وممتلكاتهم.

لنعود الى الورى ونرى كيفية تعامل الأجداد مع التغيرات المناخية فقد كانت ادارتهم ذات كفاءة عالية للتكيف والتخفيف من تأثيرات التغيرات المناخية، فعندما نرى نظام المدرجات فهو نظام لحفظ المياه لفترة أطول ويمنع انجراف التربة وحيث يتم تصريف المياه بشكل يحافظ على النظام الزراعي ويمنع تهديد مساكن المواطنين ، وكما هو الحال أيضا في الأماكن المستوية بنيت هناك أنظمة ري خاصة بها وتصريف آمن للمياه الزائدة. كما ان السابقين تقيدوا ببرامج وجداول زراعية خاصة بهم تنظم وقت زراعة المحاصيل ، كما انه توجد لدى البعض منهم الخبرة في معرفة موعد سقوط الامطار والسيول وحركة السحب تم توارثها من الأجداد، كما تم تأسيس نظام الإنذار المبكر المجتمعي التقليدي من خلال مشاعل النار على رؤوس الجبال للإنذار بقدوم السيول وهو ما كان موجود بمنطقة دوعن بمحافظة حضرموت.

لكن في العقود الأخيرة حصل فصل كبير ما بين الماضي والحاضر فمن المؤسف اننا نسمع الكثير من البرامج والندوات والمؤتمرات والدعم لمسألة التغيرات المناخية لليمن ولكن ليس لها تأثير إيجابي على البيئة وعلى الزراعة وعلى حياة المواطن، بالعكس السنوات الأخيرة زادت حدة السلبية في التغيرات المناخية بشكل واضح سواء مسالة الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة التي وصلت الى 50 درجة مئوية في بعض المناطق والتصحر والجفاف فملامسة الواقع امر مهم فمن الضروري كل ما يكتب في الأوراق يلامس الواقع ويحدد امكان الخطر الفعلية ومعرفة كيفية ومتى التدخل فللأسف نرى المنظمات الدولية تعمل بطرقها الخاصة ونرى الجهات الرسمية الممثلة لليمن تعمل وفق اجندة لا تلامس الواقع فكل هذه الأنشطة المذكورة انفا اين نتائجها على الواقع؟
فالتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية لا تقل خطورة على نتائج الحروب فالاثنين نتائجهما واحدة تكمن في الخسائر البشرية والمادية التي تصل الى المليارات و ربما تكون هناك تأثيرات سلبية للتغيرات المناخية يحتاج معالجتها لفترات زمنية طويلة، لكن التغيرات المناخية بإمكاننا الحد من مخاطرها من خلال (التكيف- التخفيف) من آثارها، فكما هو معروف ان اليمن احدى الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية لذلك الدول الكبرى رصدت مليارات الدولات لمساعدة الدول الضعيفة لتجاوز مخاطر اضرار التغيرات المناخية فالسؤال كم استفادت اليمن من هذا الدعم؟ ومدى ملامسة هذا الدعم للمناطق الأكثر خطورة؟!
*فمن خلال ما تم استعراضه من بعض الحقائق عن التغيرات المناخية بعيدا عن الأرقام كون المقال لتوعية وتعريف المجتمع بمخاطر التغيرات المناخية فمن الضروري ان نضع رؤيتنا لبعض الحلول التي نراها من وجهة نظرنا وبشكل عام للتقليل من الأثار السلبية الناتجة عن التغيرات المناخية وهي كالتالي*: -
1- تأصيل ودراسة تجارب اجدادنا السابقين في إدارة التغيرات المناخية وكذلك إدارة الكوارث الطبيعية والانذار المبكر المجتمعي.
2- لا بد ان تلامس التوجهات المركزية بجميع قطاعتها الاحتياجات المحلية لمعالجة المخاطر بحيث كل ما يطرح ويناقش يلامس الواقع.
3- ضرورة ان يلامس دعم المنظمات خطط الدولة والمرفوعة من الواقع وتكون المعالجات وفق ما خطط له.
4- ضرورة تحديد المناطق الأكثر خطورة وتوجيه الخطط والدعم لها للتقليل من الخسائر البشرية والمالية.
5- ضرورة انشاء وحدات للتغيرات المناخية بالمحافظات المتأثرة بشكل كبير بحيث تهتم بمسائل الإنذار المبكر وإدارة الكوارث والرفع بالتقارير الميدانية والدارسات والاشراف على خطط الاستجابة ويكون إدارة هذه الوحدة بشكل تكاملي مع جميع القطاعات.
6- التوجيه الموحد في الوقت الحالي لإدارة التغيرات المناخية من خلال إدارة مشتركة لليمن كون التأثير عام والمتضرر منه المجتمع بشكل عام.
7- طرح مسألة التغيرات المناخية ضمن الأولويات الملحة خاصة في خطط التعافي لما لها من أهمية كبرى للتقليل من الآثار السلبية لها.
8- ضرورة وضع استراتيجية وطنية للحد من التغيرات المناخية تكون شاملة ويتم فيها إشراك جميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية.
9- اشراك المرأة والفئات المهمشة امر مهمة في إدارة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية والانذار المبكر المجتمعي معا مع فئات المجتمع الأخرى.

م. عمر محمد زين بن شهاب
استشاري إدارة المياه والكوارث الطبيعية والانذار المبكر المجتمعي
27/إبريل/2023م