كتابات وآراء


السبت - 16 مارس 2024 - الساعة 03:56 م

كُتب بواسطة : أمجد الرامي - ارشيف الكاتب



لا توجد دولة وطنية لا تسعى لامتلاك قرارها كاملا ، إلا أن هذه المشيئة دونها عقبات كثيرة خصوم محليون وآخرون أجانب ، و مقدرات محدودة أو جمة لكن لا سبيل لتسويقها إلا بتنازلات ، و المنطقة العربية ككل تعاني من هيمنة غربية شديدة الوطأة حتى على الدول المحورية في العالم العربي رغم أن هذه الهيمنة قد تبرر تلطفاً بكونها تحالفاً .
...................................
غياب امتلاك القرار كلياً والانحياز الغربي لمصلحة البقاء هو أكبر مفجر لثورات السخط في المنطقة ، والتى يترأسها جناحان رئيسيان هما تيار الإسلام السياسي والأخر التيار اليساري والقومي والوطني هذه التيارات هي من شكلت قوى الرفض وحاولت صنع التغيير ، ورغم أن الأخيرة قد دمرت شبه كلياً بواسطة تيار الإسلام السياسي الذي قضى على الدول الوطنية وعلى مشروع القومية والأممية تماما ، حين كان أداة بيد قوى الاستعمار لتفتيت القوى الوطنية واليسارية والقومية وإجهاض مشاريعها بغض النظر عن معقولية هذه المشاريع وإمكانية تطبيق نظرياتها ، إلا ان هذه القوى المدنية لا زال لها أثر مقاوم غير أنه يستغل ويستثمر دوما من قبل تيار الإسلام السياسي ، حتى قال أحد السياسيين تندراً أن اليساريين هم حمير التيار الإسلامي .
..............................
اليوم لا زال الصراع محتدما من هذه التيارات ضد النخب الحاكمة في المنطقة ، وهو صراع يختلف باختلاف التيارات التي تحمل رايته ، يختلف في الأساليب والطريقة والأهداف ، لربما يتحدون نوعا ما في مفهوم الأممية خاصة الإسلاميين واليساريين والقوميين الذين يذوب لديهم مفهوم الوطن في أممية أكبر ، لكن رغم ذلك أممية الإسلاميين اخطر على الوطن من أممية يسارية أو قومية ، حيث اليساريين والقوميين لربما لا يذهبون لذوبان كامل ، خاصة بعد انهيار المشروع القومي الناصري و فشل التجربة الاشتراكية السوفييتية ، تيار الاسلام السياسي لا معنى للوطن لديه فهو على استعداد أن يدمر وطنه ويجر عليه الوبال لأجل مركز مقدس والأمثلة كثيرة من غزة وإيران الى مصر إلى سوريا و الحوثيين في اليمن .
..............................
كما يختلف مفهوم النصر والهزيمة لدى هذين التيارين فتيار الوطنيين واليساريين والقوميين يعرف معنى النصر وكذلك يدرك هزيمته ويتحملها حال وقوعها ، بينما تيار الإسلام السياسي يتلاشى مفهوم النصر والهزيمة لديه بل ويتحدان في بوتقة واحدة هي الانتصار الأبدي فهو منتصر دائما ، منتصر ولو دمر كل شيء منتصر حتى مع سيطرة عسكرية وجغرافية واقتصادية لعدوه ، المضحك المبكي أن حشوده مؤدلجة لتصديق هذه الحالة من الانتصار شعبوية مغيبة الوعي يسهل سوقها خلف شعارات كبيرة تحمل تحتها الدمار التام ، لا معنى للهزيمة عنده فهو منتصر دوما حتى وأن كانت بيادة عدوه تضغط على عنقه .
............................
ومع كل هذه العيوب لتيار الإسلام السياسي إلا أنه يمتلك ميزات لا تحظى بها التيارات الأخرى منها سهولة انخراطه وتغلغله في المجتمعات ، اتكاؤه على موروث ثراتي ضخم يسهل الاستفادة منه ايدولوجيا ، الخطاب الثوري الذي لا يحتاج الى برنامج واضح ، التوجس الديني لدى الجماهير من الخطاب اليساري والأممي والعروبي ، الأمية والجهل والفقر حيث الملاحظ إن تيار الإسلام السياسي جل الداعميين له من الأرياف الفقيرة لا من التجمعات المدنية الكبيرة ، غياب النموذج الوطني واليساري والأممي الناجح ، ورغم أن التيار الإسلامي كذلك يغيب عنه هذا النموذج الناجح إلا أنه يستند إلى واقع خيالي رسمه الإسلاميون للتاريخ الإسلامي .
وبين هذه الأجنحة كتب على شعوبنا أن تختار بين سيئين عمامة الفقيه وبندقية العسكر
كتبه
امجد الرامي
16/3/2024م