كتابات وآراء


الإثنين - 28 سبتمبر 2020 - الساعة 05:15 م

كُتب بواسطة : أمجد الرامي - ارشيف الكاتب


اعذروهم من يرون أن انتقاد المسؤولين شيء عظيم و لا يمكن قبوله ، هم ضحايا فرط الطاعة والخوف ... اللذان شب عليهما كل أفراد المجتمع واللذان تجعلهما ثقافتنا المتوارثة شيئًا محمودا .... لا يمكن لمن شب في العبودية المنمقة أن يعي انه مسلوب الحرية ... لا يمكن للدجاج أن يطير بعيدًا رغم انه يملك جناحا فلم ير أبويه يطيران ابدا وأبواه كذلك لم يشاهدا أبويهما يطيران ...
ينشأ احدنا وهو مسلوب الإرادة بدون شخصية مجردًا من قدرته على اتخاذ أي قرار قابعًا في ظل أبيه الذي عاش في ظل جده نسخ مكررة من عمق التاريخ لا يملك حتى أن يسمي ابنه بما شاء من الأسماء أضف إلى ذلك الخوف الذي يكبل كل انطلاقه يخاف أن ينبذه الناس أهله قبيلته مواطنوه خوف يقيده حتى عن أن يقول رأيًا أو يبدي رفضًا
كيف لشخصية مهزوزة كهذه أن تبني أسرة ناهيك عن وطن كيف لها أن تتخذ قرارًا أو تتبنى تغييرًا ، هذه الشخصية لا يمكنها إلا أن تنظر بعين التقديس للمسؤول و لن تراه إلا كالأب الذي لا يمكن أن تتحرك الشفتان في حضوره إلا بتبجيل وتقديس و لا يمكن مخالفة أمره بل ويرى صحابنا كل مخالف ومنتقد لطوطمه ولوثنه أكان أباً أو أباً أكبر بمثابة عاق الوالدين ويغفل عن حقيقة أن هذا المسؤول مجرد ترس تافه في آلة ضخمة هي الدولة ترس يمكن أن يخرب ويرمى ويستبدل بآخر إذا لم يقم بالدور الذي صنع له ، لا يمكن لمن هو هكذا أن تتبادر أو حتى أن تطرأ عليه فكرة أن المسؤول إنما هو مجرد موظف و أجير عنده يتقاضى راتبه من قوت ومستقبل أولاده .
ذلك النموذج هو اللبنة الأولى التي تشيد بها مجتمعاتنا التي تكوّن بالمحصلة ما نصر على تسميته وطن الذي وللأسف ربما لا يملك من صفة الوطن إلا حروفه ، و الأزمة التي تمر بها البلد اليوم برهنت أن أوطاننا ومجتمعاتنا لا تزال تمر بمرحلة طفولة البشرية . وهو مصطلح لا يحمل من جمال الطفولة شيء.... لا يحمل إلا الطيش والعبث وإلا الدماء وسفكها ...
ويا لها من كارثة عندما يكون حدُّ وطن أحدهم هو أبعدُ مبالٍ لعنزتة.