كتابات وآراء


الثلاثاء - 29 ديسمبر 2020 - الساعة 04:19 م

كُتب بواسطة : سعيد سالم الجريري - ارشيف الكاتب



أحياناً لا يفهم المرء شيزوفرينيا السلوك الاجتماعي الذي تتعدد مظاهره حالياً. ومن ذلك مثلاً أن تجد من يحب الغناء والموسيقا، ويكاد يحفظ معظم أغاني محمد جمعة وبلفقيه وعبدالرب ومرسال وفيصل علوي ومحمد سعد والمرشدي وبلقيس، فضلاً عن إعجابه بأم كلثوم ووردة وعبدالحليم حافظ وكاظم الساهر وعمرو ذياب وأسماء لمنور وعبدالله الرويشد ومحمد عبده، ويفتخر بمحمد القحوم والأوركسترا الحضرمية على سبيل المثال، ثم تستفزه دورة موسيقية بسيطة بإمكانيات محدودة في المكلا أو الشحر أو تريم أو شبام.

الفن ليس جريمة، وليس فضيحة. بل هو مما يميز الإنسان عن الحيوان المتوحش، ولقد كان حرياً بالجامعة أن تنشىء معهداً أو كلية للفنون كجزء من رسالتها.
ولقد كان من الأخطاء المقصودة إغلاق معهد محمد جمعة بعد 94 وتسفيه الفن والفنانين، ما أدى إلى اختلال توازن المجتمع بتسييد صوت التشدد الوهابي الذي فرّخ إرهابيين بأحزمة وأفكار ناسفة، هم على النقيض من وسطية تدين المجتمع الذي لم يكن على خلاف مع الموسيقا والغناء والمسرح والسينما والتشكيل.

الكرة في ملعب الجهات الرسمية وأعني الجامعة والسلطة المحلية ممثلة بإدارة الثقافة لتنظما تنمية الجيل الجديد فنياً وإبداعياً، بإنشاء قسم أو معهد أو كلية للفنون الجميلة - وهذا أمر كررنا الإشارة إليه منذ وقت مبكر - بحيث لا يُترك الموهوبون والموهوبات في هذا المجال فرادى يواجهون شطط المتشددين، وكأنهم مجرمون أو منحطون أو خارجون وخارجات على أخلاق المجتمع الذي تستمتع أغلبيته بشغف بالموسيقا والأفلام والمسلسلات ليل نهار .

* لقد تم تصحير الوجدان والأذهان بأفكار ممولة بسخاء من جمعيات ومؤسسات معروفة في السعودية وغيرها خلال العقود الماضية بدعاوى ظاهرها رحمة وباطنها خراب، وهذا حصاد ما تم زرعه في مجتمعنا حتى بات كارهاً بعض أهليه للفن والجمال. حتى وجه الفتاة السافر يستفزه، ولاسيما إن كان مما أحسن الله خلقه، كأنه غير كاف ما في البلاد من قبح الساسة وأتباعهم، أو كأنهم يريدون مدينة لنساء بلا وجوه، خلافاً لكل ما في بلاد الله، عربية كانت أم إسلامية، كأن وجه المرأة فضيحة، كاسمها الذي يتم السكوت عنه عادةً، كما في دعوات الزواج مثلاً، فيقال: زواج فلان الفلاني - باسمه ولقبه - على ابنة فلان بلا اسم أو لقب!!

* حضرموت ليست جزيرة بحطبها ومائها، وليس بالفن والجمال يتم تخريبها، وإنما بمتواليات القبح والانغلاق والصمت المتواطئ عن عبث الفاسدين وادعاء الفضيلة قولاً ونسفها سلوكاً وفعلاً.

من صفحة الكاتب على الفيس