كتابات وآراء


السبت - 21 مايو 2022 - الساعة 11:00 ص

كُتب بواسطة : م. نسيمة العيدروس - ارشيف الكاتب



اختلف الفقهاء المعاصرون في مشاركة المراة السياسية في مسألة واحدة فقط وهو جواز تولي المرأة الحكم ما عداه من شؤون الدولة والحكم فقد أجمع الفقهاء أنه لا فرق بين الرجل والمرأة, و تم الاستدلال باقوال الفقهاء بالمنع بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم في قصة ابنة كسرى الفرس عندما أخبروه بأنها تولت الحكم فقال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. و في فترة الخلافة تم اشتراط الذكورة لأن الخلافة فيها مشقة كبيرة ومنها الحرب فالخليفة هو القائد في المعركة وفي ساحات القتال وهذا لا يناسب تكوين المرأة الجسدي وطبيعتها لأن الامر فيه مشقة جسدية ، و لا تستطيع المراة ان تتحمل أعباء القتال، برغم ان معطيات العصر الحديث التي لا تتطلب من المراة التواجد في ساحات المعارك. و من ابرز مجالات مشاركة المرأة السياسي بمفهومه المعاصر:
اولاً: حق الترشبح للمجالس النيابية:
النيابة عن الأمة ولاية وهذه الولاية تثبت بتوكيل الناس لفرد أن يقوم بها نيابة عنهم, فإن القيام بالعمل العام لا يصلح أن يقوم به جميع أفراد الأمة, لأن مبناه على الكفاءة والأمانة, والناس جميعاً ليسوا على مستوى واحد فيها فوجب أن يقدم الشخص ذو كفاءة و امانه بغض النظر عن جنسه ذكر او انثى, و حق الترشح للمجالس النيابية ثابتة للمرأة و حق مساوي للرجل بالقرآن الكريم وبالسنة في قوله تعالى ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) و حديث رسول الله ("كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الرجل في بيته راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة في بيتها راعية وهي مسئولة عن رعيتها ألا كلكم راع ومسئول عن رعيته") من خلال الحديث النبوي اثبت النبي – صلى الله عليه وسلم – حق الرعاية للمرأة كما أثبتها للرجل.
ثانياً: حق الانتخابات:
حق التصويت والانتخاب واجب على المراة و ليس حق لها فهو مبني على تشريع الله، وليس هناك تمييز بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالحقوق السياسية، قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ وأول مشاركة للمراة في الانتخابات كان على عهد رسولنا – صل الله علية وسلم- الذي طلب من وفد الأنصار في بيعة العقبة أن يُخرجوا له نقباء وكان من ضمن الوفد امرأتان، واشتركتا في الاختيار أي الانتخاب وكان يمكن أن تكون إحداهما من هؤلاء النقباء لو تم انتخابها، وبايعتا الرسول – صل الله علية وسلم- على ما بايع به الرجال. وكذلك في البيعة للرسول في المدينة بعد قيام الدولة خص الله تعالى بيعة النساء بذكر نصها في سورة الممتحنة، وهو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
ثالثاً: حق التولي المناصب القضائية و الوزارية:
واختلف الفقهاء في حكم تولية المرأة القضاء على ثلاثة أقوال، و تعود الأسباب الخلاف الى اولاً: الأدلة الواردة في هذه المسألة أدلة ظنية، يتطرق إليها الاحتمال، وتتسع للرأي والرأي الآخر، ثانياً: الاختلاف في النظر والتكييف، بمعنى هل أهلية القضاء متحققة لدى المرأة كما هي متوفرة لدى الرجل، وهو ما يسمى عند الأصوليين بتحقيق المناط، ثالثاً: لاختلاف في القياس، بمعنى هل يقاس القضاء على رئاسة الدولة، أم يقاس على الشهادة، فمن قاس على رئاسة الدولة، قال: بعدم الجواز، ومن قاس على الشهادة قال بالجواز. من خلال التامل في أسباب الخلاف نجد ان المراة يحق لها التولي المناصب القيادية، فقد روي أن عمر بن الخطاب - رضي االله عنه - ولى امرأة تدعى أم الشفاء بنت عبد االله الحسبة على السوق ، وعلى هذا يجوز أن تتولى المرأة القضاء؛ لأن كلاً منهما من الولايات العامة، ولو لم يكن جائزا لما أجاز عمر - رضي االله عنه - على ولاية الحسبة امرأة. , وبما ان المرأة يجوز أن تكون مفتية، فيجوز أن تكون قاضية بجامع أن في كل إخبار بحكم شرعي. إن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يقم دليل المنع، فكل من يصلح للفصل في الخصومة، فإنـه يجـوز ولايته القضاء، والمرأة صالحة، وقادرة على الفصل في الخصومة، وليس هناك مانع من ذلك، وعليه يصح توليتها القضاء؛ لأن أنوثتها لا تحول دون فهمها للحجج، وإصدار الحكم.

ان المرأة بصفة عامة مرآة الشعوب فمن خلاله يمكننا الحكم على ما إذا كانت الدولة متقدمة أم ما زالت تعيش في ظلمات الجاهلية. وعدم تولي المراة لمناصب قيادية مثل القضاء او الخلافة في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لا يمنع من تولي المراة في عصرنا المعاصر و لا يعتبر دليلا مانعا . و المناصب القيادية في عصرنا الحديث انتقل من طور الفردية الى طور المؤسسات فلا تمنع المراة في المشاركة في صناعة القرار.